للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: إن الخطيب إذا اعتمد على السيف في هذه البلاد فإنه يُري أهلها أنها فتحت بالسيف، وأنهم إذا رجعوا عن الإسلام فذلك باقٍ بأيدي المسلمين.

قال ابن القيم: وكان إذا قام يخطب، أخذ عصاً، فتوكَّأ عليها وهو على المنبر، كذا ذكره عنه أبو داود عن ابن شهاب، وكان الخلفاءُ الثلاثةُ بعده يفعلون ذلك، وكان أحياناً يتوكأْ على قوس، ولم يُحفظ عنه أنه توكأ على سيف، وكثيرٌ من الجهلة يظن أنه كان يُمْسِكُ السيفَ على المنبر إشارة إلى أن الدين إنما قام بالسيف، وهذا جهل قبيح من وجهين:

أحدهما: أن المحفوظَ أنه -صلى الله عليه وسلم- توكأ على العصا وعلى القوس.

الثاني: أن الدين إنما قام بالوحي، وأمّا السيف، فَلِمَحْقِ أهل الضلال والشرك، ومدينةُ النبي -صلى الله عليه وسلم- التي كان يخطب فيها إنما فُتِحَت بالقُرآن، ولم تُفتح بالسيف.

(ويَقصُرَ الخُطبة).

أي: يسن للخطيب أن يجعل الخطبة قصيرة.

قال في الإنصاف: بلا نزاع.

أ- لحديث عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ (إِنَّ طُولَ صَلَاةِ اَلرَّجُلِ، وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ) رَوَاهُ مُسْلِم. … (مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ) أي: علامة يتحقق فيها فقهه.

ب-حديث عبد الله بن أبي أوفى قال (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يطيل الصلاة ويقصر الخطبة) رواه النسائي.

ج-وعن جابر بن سمرة قال (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يطيل الموعظة يوم الجمعة، وإنما هنّ كلمات يسيرات) رواه أبو داود.

قال الشوكاني بعد ذكر هذه الأحاديث: فيها مشروعية إقصار الخطبة ولا خلاف في ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>