للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن قدامة: فَأَمَّا كَفَّارَةُ سَائِرِ الْأَيْمَانِ، فَإِنَّهَا تَجُوزُ قَبْلَ الْحِنْثِ وَبَعْدَهُ، صَوْمًا كَانَتْ أَوْ غَيْرَهُ، فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ.

وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ جَوَازُ تَقْدِيمِ التَّكْفِيرِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَابْنُهُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ وَسَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ، وَمَسْلَمَةُ بْنُ مَخْلَدٍ -رضي الله عنهم-، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَرَبِيعَةُ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد.

أ-لحديث عَبْدُ الرَّحْمَن بْن سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (إذَا حَلَفْت عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَيْت غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ، ثُمَّ ائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَفِي لَفْظٍ (وَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ).

ب- وَلِأَنَّهُ كَفَّرَ بَعْدَ وُجُودِ السَّبَبِ، فَأَجْزَأَ، كَمَا لَوْ كَفَّرَ بَعْدَ الْجَرْحِ، وَقَبْلَ الزَّهُوقِ، وَالسَّبَبُ هُوَ الْيَمِينُ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى (ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ) وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ (قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ). (المغني).

[تنبيه]

اختلف القائلون بجواز إخراج الكفارة قبل الحنث، هل الأفضل إخراجها قبله أو بعده على ثلاثة أقوال:

قيل: أن التكفير قبل الحنث وبعده سواء في الفضيلة.

وهذا المذهب عند الحنابلة.

لورود النصوص بكل منهما.

وقيل: أن الأفضل بعد الحنث.

وهو قول مالك، والشافعي.

لما فيه من الخروج من الخلاف، وحصول اليقين ببراءة الذمة.

وقيل: أنه قبل الحنث أفضل.

لما فيه من تعجيل النفع للفقراء.

والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>