• قال ابن عثيمين: وليعلم أن العهد الذي بيننا وبين الكفار له ثلاث حالات كلها في القرآن:
[الحال الأولى: أن ينقضوا العهد هم بأنفسهم، فإذا نقضوا العهد انتقض العهد الذي بيننا وبينهم.]
ومثاله: قصة قريش، لأن قريشاً نقضوا العهد حين ساعدوا حلفاءهم على حلفاء النبي -صلى الله عليه وسلم-، وحينئذ ينتقض العهد.
والدليل قوله تعالى (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ) (أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ).
[الحال الثانية: أن يستقيموا لنا ولا نخاف منهم خيانة ولم نر منهم خيانة، فحينئذ يجب علينا أن نستقيم لهم.]
كما قال الله تعالى (فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ).
الحال الثالثة: أن نخاف منهم نقض العهد، فهنا لا يلزمنا أن نبقى على العهد، ولا يجوز لنا أن نقاتلهم، بل ننبذ إليهم على سواء، وإليه الإشارة في قوله تعالى (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ) أي: انبذ العهد على سواء؛ لتكون أنت وإياهم على سواء في أنه لا عهد بينكم، وهذا هو الإنصاف.
(وتجبُ الهجرةُ على من لم يقدر على إظهارِ دينهِ في دار الحرب، وتستحبُّ لمن قَدِر على ذلك).
الهجرة: لغة مفارقة بلد إلى غيره.
واصطلاحاً: الانتقال من دار الكفر إلى دار الإسلام.
وقد قسم العلماء الناس في الهجرة من دار الحرب إلى ثلاثة أضرب:
من تجب عليه الهجرة.
وهو من يقدر عليها، ولا يمكنه إظهار دينه.
كهجرة الصحابة من مكة إلى الحبشة خوفاً من الفتنة، وفراراً بالدين.