قال ابن كثير: فأوجب على القاذف إذا لم يقم البينة على صحة ما قال ثلاثة أحكام: أحدها: أن يُجلد ثمانين جلدة، الثاني: أنه ترد شهادته أبداً، الثالث: أن يكون فاسقاً ليس بعدل لا عند الله، ولا عند الناس. (التفسير).
في قوله تعالى (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ … ) هذا الاستثناء يرفع الحكم الأخير، ولاشك في ذلك، وهو الفسق، فإذا تابوا زال عنهم وصف الفسق إلى العدالة، وهل يرجع الاستثناء إلى ما قبل الأخير وهو أنه إذا تاب قبلت شهادته؟ فيه تفصيل:
o إذا أقيم عليه الحد ولم يتب فإنه لا تقبل شهادته.
o وأما بعد توبته، فقد اختلف العلماء على قولين:
[القول الأول: لا تقبل شهادة المحدود في قذف ولو تاب.]
وجه الدلالة: بأن الله أبّد المنع من قبول شهادتهم، وحكم عليهم بالفسق، ثم استثنى التائبين من الفاسقين، وبقي المنع من قبول الشهادة على إطلاقه وتأبيده.
ب- ولأن رد شهادة القاذف ولو تاب عقوبة من تمام الحد، فلا تسقط هذه العقوبة بالتوبة.
[القول الثاني: قبول شهادة القاذف إذا تاب.]
وهذا قول الشافعي وأحمد ومالك.
أ- واستدلوا بالاستثناء في آية القذف وهو قوله تعالى ( … إلا الذين تابوا .. ) عائد إلى الجملتين المتعاطفتين قبله في قوله تعالى (وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ).