(إلا المعتكفَ ففي ثياب اعتكافهِ).
أي: إلا المعتكف فإنه يخرج لصلاة العيد في ثياب اعتكافه.
إبقاء لأثر العبادة.
قال ابن قدامة: إلَّا أَنَّ الْمُعْتَكِفَ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْخُرُوجُ فِي ثِيَابِ اعْتِكَافِهِ، لِيَبْقَى عَلَيْهِ أَثَرُ الْعِبَادَةِ وَالنُّسُكِ.
وذهب بعض العلماء: إلى أن المعتكف كغيره يسن أن يخرج لصلاة العيد متجملاً.
وهذا القول هو الصحيح.
أ- لعموم الأدلة في الترغيب في التجمل ولبس أحسن الثياب للعيد.
ب- ولأن الله جعل يوم العيد يوم فرح وسرور وزينة للمسلمين، لذلك لا ينبغي لأحد ترك إظهار الزينة والطيب في الأعياد مع القدرة عليها.
وأما الجواب عن قول من قال: إن المعتكف يخرج بثياب اعتكافه، لأن هذا أثر عبادة، كما لا يشرع غسل دم الشهيد. فالجواب:
أولاً: أن هذا قياس فاسد في مقابلة النص، فقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعتكف، ومع ذلك يلبس أحسن الثياب.
ثانياً: أن اتساخ ثياب المعتكف ليس من أثر اعتكافه، ولكن من طول بقائها عليه، أما الشهيد فقد ثبت بالنص أنه يأتي يوم القيامة وجرحه يثعب دماً اللون لون الدم، والريح ريح المسك.
(ومن شرطِها استيطانٌ وعددُ الجمُعَة).
أي: من شروط صلاة العيد أن تقام في جماعة مستوطنين، فلا صلاة عيد على المسافرين، وكذلك عدد الجمعة، وقد تقدم أن عدد الجمعة على المذهب حضور (٤٠) من أهل وجوبها.
قال ابن قدامة: الْأَعْرَابَ لَا تَلْزَمُهُمْ الْجُمُعَةُ، لِعَدَمِ الِاسْتِيطَانِ، فَالْعِيدُ أَوْلَى. (المغني).
وقال المرداوي: أَمَّا الِاسْتِيطَانُ وَالْعَدَدُ: فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُمَا يُشْتَرَطَانِ كَالْجُمُعَةِ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: اخْتَارَهُ الْأَكْثَر. … (الإنصاف).