(والْمُدَّعِي مَنْ إِذَا سَكَتْ تُرِكَ، وَالْمُدَّعَى عليه مَنْ إِذَا سَكَتَ لَمْ يُتْرَكْ).
هذا الفرق بين المدعِي والمدعَى عليه:
الْمُدَّعِي مَنْ إِذَا سَكَتْ تُرِكَ، وَالْمُدَّعَى عليه مَنْ إِذَا سَكَتَ لَمْ يُتْرَكْ.
والمعنى: أنَّ المدعي هو: مَن يُطالب بشيء مدعيًا أنه له، فإذا أحجم عن إكمال دعواه فإنَّ القاضي يتركه، ولا يلزمه بإكمال الدعوى، لأنه مدعٍ.
وأما المدعى عليه فهو المطلوب، ولا يسوغ له الامتناع عن إجابة طلب القاضي وسماع الدعوى، ما دام المدعي مقيمًا على دعواه؛ لأنه لا يمكن إنهاءُ الخصومة القائمة التي استمر فيها المدعي إلا بالاستمرار في جلساتها عند القاضي، كي تنتهي بحكمٍ لأحد الطرفين بحسب ما لديهما من بينات وحججٍ، أو بما أداه الطرفان من أيْمانٍ على ما ذكراه عند القاضي.
(وَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى وَالإِنْكَارُ إِلاَّ مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ).
أي: إنما تصح الدعوى من جائز التصرف: وهو الحر، المكلف، الرشيد.
لأن من لا يصح تصرفه لا قول له في المال، والدعوى قول يترتب عليه حكم شرعي، فلم يصح من غير جائز التصرف.
(وَإِذَا تَدَاعَيَا عَيْناً بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَهِيَ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ، إلاَّ أَنْ تَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ فَلَا يَحْلِفُ).
إذا تداعيا عيناً - ككتاب، أو ثوب ونحوهما - فادعى كل واحد منهما أنها له لم تخلُ من أقسام:
أحدها: أن تكون العين في يد أحد المتنازعين ولا بيّنَة تثبت صاحب الحق.
فإنها تكون لمن هي بيده مع يمينه.
لحديث ابن عباس أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) متفق عليه، ومن معه العين مدعى عليه، فعليه اليمين.