قال ابن قدامة: فَإِنَّ الضَّرْبَ يُفَرَّقُ عَلَى جَمِيعِ جَسَدِهِ؛ لِيَأْخُذَ كُلُّ عُضْوٍ مِنْهُ حِصَّتَهُ، وَيُكْثِرُ مِنْهُ فِي مَوَاضِعِ اللَّحْمِ، كَالْأَلْيَتَيْنِ وَالْفَخِذَيْنِ، وَيَتَّقِي الْمَقَاتِلَ، وَهِيَ الرَّأْسُ وَالْوَجْهُ وَالْفَرْجُ، مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ جَمِيعًا.
(وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ فِيهِ إِلاَّ أَنَّهَا تُضْرَبُ جَالِسَةً، وَتُشَدُّ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا، وَتُمْسَكُ يَدَاهَا لِئَلاَّ تَنْكَشِفَ).
أي: أن المرأة في إقامة الحد كالرجل، لأن الأصل أن ما ثبت للرجال ثبت للنساء، وما ثبت للنساء ثبت للرجال إلا بدليل.
إلا أن المرأة تختلف في أشياء:
أولاً: تضرب جالسة.
لأنه أستر لها.
ثانياً: وتشد عليها ثيابها:
لأنه ربما مع الضرب تضطرب وتتحرك وتنفك ثيابها.
ثالثاً: وتمسك يداها.
لئلا تكشف.
وجاء في حديث عمران بن حصين قال (فأمر بها النبي -صلى الله عليه وسلم- فشكت عليها ثيابها ثم أمر بها فرجمت) رواه مسلم.
(مَنْ مَاتَ فِي حَدٍّ فَالْحَقُّ قَتَلَهُ).
أي: من مات في حد الجلد أو القطع فالحق قتله، لأن كل ما ترتب على الحق المأذون فيه فليس بمضمون.
لكن بشرط: عدم التعدي في إقامة الحد على الجاني بزيادة في الكم أو الكيف.
قال ابن قدامة: وَلَا نَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافًا فِي سَائِرِ الْحُدُودِ، أَنَّهُ إذَا أُتِيَ بِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ، مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ، أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَنْ تَلِفَ بِهَا؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ فَعَلَهَا بِأَمْرِ اللَّهِ، وَأَمْرِ رَسُولِهِ، فَلَا يُؤَاخَذُ بِهِ؛ وَلِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى، فَكَانَ التَّلَفُ مَنْسُوبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute