فائدة: ٤
ذهب بعض العلماء: إلى أن المحصر إذا لم يجد الهدي يصوم عشرة أيام بنية التحلل.
قال بذلك بعض العلماء: قياساً على من عجز عما استيسر من الهدي في التمتع.
والصحيح أنه لا يجب.
وهو مذهب مالك.
فإنه لم يكن مع كل المحصرين الذين كانوا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- هدي، ولم يأمرهم ولم يوجبه عليهم، وبذلك أمرهم بالتحلل مطلقاً.
(وكُلُّ هَدْيٍ أو إطعامٍ لمسَاكينِ الحَرَمِ، إلاَّ فِدْيَةُ الأَذى والإِحْصَارِ فَحيثُ وُجِدَا).
هذا مكان الهدي:
أي: كل هديٍ أو إطعام، مثل جزاء الصيد، وهدي التطوع، وهدي المتمتع والقران، فإنه يصرف لمساكين الحرم.
قال تعالى (هدياً بالغ الكعبة).
وقال تعالى (ثم محلها إلى البيت العتيق).
والمراد بمساكين الحرم: المقيم في الحرم والمجتاز من حاج وغيره ممن له أخذ الزكاة لحاجته كالفقراء والمساكين.
فالهدي الذي لترك واجب، يجب أن يتصدق بجميعه على مساكين الحرم.
(إلاَّ فِدْيَةُ الأَذى والإِحْصَارِ فَحيثُ وُجِدَا).
أي: إلا فدية الأذى، وهي فدية حلق الرأس، وكذا هدي الإحصار فحيث وجدا، أي: حيث وجد السبب في حلٍ أو حرم.
فيذبح الهدي حيث وجد سبب الحلق أو سبب الإحصار.
لقوله تعالى (فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي).
ولأنه -صلى الله عليه وسلم- نحر هديه في موضعه بالحديبية، وهي من الحل.
ولو ذبحه في الحرم أجزأ.
[ودليل جوازه في محل المحظور]
أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمر كعب بن عجرة -رضي الله عنه- أن يفدي بشاة في محل فعل المحظور.
ولأن هذا الدم وجب لانتهاك النسك في مكان معين، فجاز أن يكون فداؤه في ذلك المكان، وما جاز أن يذبح ويفرق خارج الحرم حيث وجد السبب، فإنه يجوز أن يذبح ويفرق في الحرم، ولا عكس. … (الشرح الممتع).