(وهما آكدهما).
أي: سنة الفجر آكد هذه السنن وأفضلها.
[وهذه السنة تختص بخصائص عن بقية السنن]
أولاً: هي آكد السنن.
ولذلك لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعها لا حضراً ولا سفراً.
وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه لما نام عن صلاة الفجر في السفر مع أصحابه قضى سنة الفجر.
بخلاف بقية الرواتب فإنها لا تفعل في السفر.
وعَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا) رواه مسلم.
وفي رواية (لَهُمَا أَحَبُّ إِلَىَّ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعًا)
وعنها قالت: (لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوَافِلِ أَشَدَّ مِنْهُ تَعَاهُدًا عَلَى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ) متفق عليه.
قال النووي: فِيهِ دَلِيل عَلَى عِظَم فَضْلهمَا، وَأَنَّهُمَا سُنَّة لَيْسَتَا وَاجِبَتَيْنِ، وَبِهِ قَالَ جُمْهُور الْعُلَمَاء، وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاض عَنْ الْحَسَن الْبَصْرِيّ - رَحِمَهُمَا اللَّه تَعَالَى - وُجُوبهمَا. وَالصَّوَاب: عَدَم الْوُجُوب، لِقَوْلِهَا: عَلَى شَيْء مِنْ النَّوَافِل مَعَ قَوْله -صلى الله عليه وسلم-: (خَمْس صَلَوَات) قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرهَا؟ قَالَ: لَا إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ) وَقَدْ يُسْتَدَلّ بِهِ لِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ عِنْدنَا فِي تَرْجِيح سُنَّة الصُّبْح عَلَى الْوِتْر، لَكِنْ لَا دَلَالَة فِيهِ: لِأَنَّ الْوِتْر كَانَ وَاجِبًا عَلَى رَسُول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- فَلَا يَتَنَاوَلهُ هَذَا الْحَدِيث
ثانياً: يسن تخفيفها.
أ-لحديث عَائِشَةَ قالت (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فَيُخَفِّفُ حَتَّى إِنِّي أَقُولُ هَلْ قَرَأَ فِيهِمَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ). متفق عليه
ب- وعَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ لَا يُصَلِّى إِلاَّ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ) متفق عليه.
قال النووي: وَقَدْ بَالَغَ قَوْم فَقَالُوا: لَا قِرَاءَة فِيهِمَا أَصْلًا حَكَاهُ الطَّحَاوِيُّ وَالْقَاضِي، وَهُوَ غَلَطٌ بَيِّنٌ، فَقَدْ ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة الَّتِي ذَكَرَهَا مُسْلِم بَعْد هَذَا أَنَّ رَسُول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَقْرَأ فِيهِمَا بَعْد الْفَاتِحَة بِـ (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) وَ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ). وَفِي رِوَايَة (قُولُوا آمَنَا بِاَللَّهِ) وَ (قُلْ يَا أَهْل الْكِتَاب تَعَالَوْا). وَثَبَتَ فِي الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة: لَا صَلَاة إِلَّا بِقِرَاءَةٍ، وَلَا صَلَاة إِلَّا بِأُمِّ الْقُرْآن وَلَا تُجْزِئ صَلَاةٌ لَا يُقْرَأ
فِيهَا بِالْقُرْآن. (شرح مسلم).
ثالثاً: لها قراءة خاصة.
في الركعة الأولى: الكافرون، وفي الثانية: الإخلاص -أو في الأولى (قولوا آمنا بالله) التي في البقرة، و (قل يا أهل الكتاب تعالوا).
أ- عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَرَأَ فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) وَ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)) رواه مسلم.
ب- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقْرَأُ فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا) وَالَّتِي فِي آلِ عِمْرَانَ (تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ) رواه مسلم.