للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشنقيطي: وَالتَّحْقِيقُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ (وَحَصُورًا) أَنَّهُ الَّذِي حَصَرَ نَفْسَهُ عَنِ النِّسَاءِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى إِتْيَانِهِنَّ تَبَتُّلًا مِنْهُ، وَانْقِطَاعًا لِعِبَادَةِ اللَّهِ، وَكَانَ ذَلِكَ جَائِزًا فِي شَرْعِهِ، وَأَمَّا سُنَّةُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَهِيَ التَّزْوِيجُ وَعَدَمُ التَّبَتُّلِ.

أَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْحَصُورَ فَعُولٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، وَأَنَّهُ مَحْصُورٌ عَنِ النِّسَاءِ; لِأَنَّهُ عِنِّينٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى إِتْيَانِهِنَّ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ.

لِأَنَّ الْعُنَّةَ عَيْبٌ وَنَقْصٌ فِي الرِّجَالِ، وَلَيْسَتْ مِنْ فِعْلِهِ حَتَّى يُثْنَى عَلَيْهِ بِهَا، فَالصَّوَابُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ هُوَ مَا ذَكَرْنَا، وَاخْتَارَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاء. (أضواء البيان).

(ويجب على من يخاف زناً بتركهِ).

أي: يجب النكاح إذا خاف على نفسه الوقوع في الزنا، لأن ترك الزنا واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

قال القرطبي: المستطيع الذي يخاف الضرر على نفسه ودينه من العزوبة لا يرتفع عنه ذلك إلا بالتزوج، لا يُختلف في وجوب التزويج عليه.

وقال ابن قدامة: وَالنَّاسُ فِي النِّكَاحِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ؛ مِنْهُمْ مَنْ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ الْوُقُوعَ فِي مَحْظُورٍ إنْ تَرَكَ النِّكَاحَ، فَهَذَا يَجِبُ عَلَيْهِ النِّكَاحُ فِي قَوْلِ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إعْفَافُ نَفْسِهِ، وَصَوْنُهَا عَنْ الْحَرَامِ، وَطَرِيقُهُ النِّكَاحُ. (المغني).

وقال المرداوي رحمه الله في كتابه الإنصاف: الْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَنْ خَافَ الْعَنَتَ. فَالنِّكَاحُ فِي حَقِّ هَذَا: وَاجِبٌ. قَوْلا وَاحِدًا .. " الْعَنَتُ " هُنَا: هُوَ الزِّنَا. عَلَى الصَّحِيحِ.

• ولهذا قال بعض العلماء: أن النكاح تجري فيه الأحكام الخمسة:

أولاً: مستحب، وهذا هو الأصل.

ثانياً: واجب، على من خاف الزنا بتركه، لأن ترك الزنا واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

<<  <  ج: ص:  >  >>