وقال البهوتي: فَإِنْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى فِي الْمَسْجِدِ: فَبَاطِلٌ، قَالَ أَحْمَدُ: وَإِنَّمَا هَذِهِ بُيُوتُ اللَّهِ لَا يُبَاعُ فِيهَا وَلَا يُشْتَرَى، وَجَوَّزَ أَبُو حَنِيفَةَ الْبَيْعَ، وَأَجَازَهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ مَعَ الْكَرَاهَة. … (كشاف القناع).
وهذا الأقرب وهو صحة البيع.
لأن النهي يرجع إلى سبب خارج عن ماهية البيع وشروطه.
وقد رجح هذا القول: ابن قدامة من الحنابلة، وشيخ الإسلام ابن تيمية.
قال الجصاص: وَلَوْ بَاعَ فِيهِ: جَازَ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ تَعَلَّقَ بِمَعْنًى فِي غَيْرِ العقد. (أحكام القرآن).
وقال ابن قدامة: فَإِنْ بَاعَ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ تَمَّ بِأَرْكَانِهِ، وَشُرُوطِهِ، وَلَمْ يَثْبُتْ وُجُودُ مُفْسِدٍ لَهُ، وَكَرَاهَةُ ذَلِكَ لَا تُوجِبُ الْفَسَادَ، كَالْغِشِّ فِي الْبَيْعِ وَالتَّدْلِيسِ وَالتَّصْرِيَةِ.
وَفِي قَوْلِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- (قُولُوا: لَا أَرْبَحَ اللَّهُ تِجَارَتَكَ)، مِنْ غَيْرِ إخْبَارٍ بِفَسَادِ الْبَيْعِ: دَلِيلٌ عَلَى صِحَّتِه. (المغني).
وقال ابن خزيمة: لَوْ لَمْ يَكُنِ الْبَيْعُ يَنْعَقِدُ، لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا أَرْبَحَ اللَّهُ تِجَارَتَكَ) مَعْنى.
وقال المرداوي: وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يَصِحُّ مَعَ الْكَرَاهَة.
بل قال ابن بطال: وقد أجمع العلماء أن ما عُقد من البيع في المسجد: أنه لا يجوز نقضه، إلا أن المسجد ينبغي أن يُجنب جميع أمور الدنيا.
(ولا ممن تلزمه الجمعة بعد النداء الثاني).
أي: لا يصح البيع ولا الشراء بعد النداء الثاني للجمعة لأي واحد تجب عليه الجمعة.
فالبيع عند نداء الجمعة الثاني: حرام.
وهذا قول عامة الفقهاء.