للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القول الثاني: أن المتمتع يكفيه سعي واحد.]

وبهذا قال عطاء، وطاوس، ومجاهد، وهذا اختيار ابن تيمية رحمه الله.

لحديث جابر (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه لم يطوفوا بين الصفا والمروة إلا طوافاً واحداً، طوافهم الأول) رواه مسلم

قال ابن القيم: من تمسك بهذا الحديث، هذا نص صحيح، صرح فيه جابر بأن النَّبي -صلى الله عليه وسلم- لم يطف هو ولا أصحابه إلا طوافاً واحداً، ومعلوم أن أصحابه فيهم القارن، وهو من كان معه الهدي، وفيهم المتمتع، وهو من لم يكن معه هدي، ففي هذا الحديث الصحيح الدليل على استواء القارن والمتمتع في لزوم طواف واحد وسعي واحد.

لكن الجواب عن هذا من ثلاثة أوجه:

الجواب الأول: بحمل حديث جابر هذا على أن المراد بأصحاب النَّبي -صلى الله عليه وسلم- الذين لم يطوفوا إلا طوافاً واحداً للعمرة والحج، خصوص

القارنين منهم، كالنَّبي -صلى الله عليه وسلم-.

قال النووي: قَوْله: (لَمْ يَطُفْ رَسُول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- وَلَا أَصْحَابه بَيْن الصَّفَا وَالْمَرْوَة إِلَّا طَوَافًا وَاحِدًا وَهُوَ طَوَافه الْأَوَّل) يَعْنِي النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- وَمَنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابه قَارِنًا، فَهَؤُلَاءِ لَمْ يَسْعَوْا بَيْن الصَّفَا وَالْمَرْوَة إِلَّا مَرَّة وَاحِدَة، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مُتَمَتِّعًا فَإِنَّهُ سَعَى سَعْيَيْنِ، سَعْيًا لِعُمْرَتِهِ، ثُمَّ سَعْيًا آخَر لِحَجِّهِ يَوْم النَّحْر. وَفِي هَذَا الْحَدِيث دَلَالَة ظَاهِرَة لِلشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ فِي أَنَّ الْقَارِن لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا طَوَاف وَاحِد لِلْإِفَاضَةِ وَسَعْي وَاحِد.

الجواب الثاني: أن يقال: إن حديث جابر ينفي طواف المتمتع بعد رجوعه من منى، وحديث عائشة وحديث ابن عباس يثبتانه، وقد تقرر في الأصول وعلوم الحديث أن المثبت مقدم على النافي، فيجب تقديم حديث ابن عباس وعائشة، لأنهما مثبتان على حديث جابر النافي.

<<  <  ج: ص:  >  >>