(ومن قَدَرَ فيها على قيامٍ أو جلوس فإنه ينتقل إليه ويُتِم).
أي: إن قدر المريض في أثناء الصلاة على القيام انتقل إليه.
وهذا مذهب الجمهور.
أ- لقوله تعالى (وقوموا لله قانتين).
ب- ولحديث عمران (صل قائماً … ).
ج- ولأن المبيح العجز وقد زال، وما صلاه قبلُ كان لعذر موجوداً فيه، وما بقي يجب أن يأتي بالواجب فيه.
قال ابن قدامة: وَمَتَى قَدَرَ الْمَرِيضُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، عَلَى مَا كَانَ عَاجِزًا عَنْهُ، مِنْ قِيَامٍ، أَوْ قُعُودٍ، أَوْ رُكُوعٍ، أَوْ سُجُودٍ، أَوْ إيمَاءٍ، انْتَقَلَ إلَيْهِ، وَبَنَى عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِ.
وَهَكَذَا لَوْ كَانَ قَادِرًا، فَعَجَزَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، أَتَمَّ صَلَاتَهُ عَلَى حَسَبِ حَالِهِ؛ لِأَنَّ مَا مَضَى مِنْ الصَّلَاةِ كَانَ صَحِيحًا، فَيَبْنِي عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ لَمْ يَتَغَيَّرْ حَالُهُ.
(وإن قدِرَ على قيامٍ وقعودٍ دون ركوع وسجود أومأ بركوع قائماً، وبسجودٍ قاعداً).
أي: إنْ قَدِرَ المريضُ على القيامِ، لكن لا يستطيع الركوعَ، إما لمرضٍ في ظهرِه، وإما لوجعٍ في رأسِه، وإما لعمليةٍ في عينه، أو لغير ذلك، ففي هذه الحال نقول له: صَلِّ قائماً وأومئ بالرُّكوعِ قائماً.
والدليلُ قوله تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ).
وكذلك إذا كان يستطيعُ أنْ يجلسَ؛ لكن لا يستطيع أن يسجدَ نقول: اجلسْ وأومئْ بالسُّجودِ.
لقوله تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) وهذا يحتاجُ الإِنسانُ إليه في الطائرةِ إذا كان السفرُ طويلاً وحان وقتُ الصَّلاةِ، وليس في الطائرةِ مكان مخصَّصٌ للصَّلاةِ، فإنه يصلِّي في مكانِه قائماً؛ بدون اعتماد إذا صارت الطائرةُ مستويةً، وليس فيها اهتزازٌ وإلا فيتمسَّكُ بالكرسي الذي أمامَه، لكن يومئ بالرُّكوعِ قَدْرَ ما يمكن.
قال ابن قدامة: وَمَنْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ، وَعَجَزَ عَنْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ، لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الْقِيَامُ، وَيُصَلِّي قَائِمًا، فَيُومِئُ بِالرُّكُوعِ، ثُمَّ يَجْلِسُ فَيُومِئُ بِالسُّجُودِ.
وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ.