للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ولا تنقطعُ الهجرةُ ما قُوتل العدو).

كما قال -صلى الله عليه وسلم- (لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها).

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّعْدِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَال (لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا قُوتِلَ الْعَدُو) رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِي.

قال الشوكاني: قَوْلُهُ: (مَا قُوتِلَ الْعَدُوُّ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْهِجْرَةَ بَاقِيَةٌ مَا بَقِيَتْ الْمُقَاتَلَةُ لِلْكُفَّارِ

فإن قيل: ما الجواب عن حديث (لا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلكنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفرِتُمْ فانْفِرُوا). …

فالجواب: قال النووي رحمه الله: قال أصحابنا وغيرهم من العلماء: الهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام باقية إلى يوم القيامة، وتأولوا هذا الحديث (لا هجرة بعد الفتح) بتأويلين:

أحدهما: لا هجرة بعد الفتح من مكة لأنها صارت دار إسلام، فلا تتصور منها الهجرة.

الثاني: وهو الأصح، أن معناه أن الهجرة الفاضلة المهمة المطلوبة التي يمتاز بها أهلها امتيازاً ظاهراً انقطعت بفتح مكة، ومضت لأهلها الذين هاجروا قبل فتح مكة، لأن الإسلام قوي وعز بعد فتح مكة عزاً ظاهراً بخلاف ما قبله.

[فوائد عامة]

فائدة: ١

ما الحكمة في أكثر الآيات الآمرة بالجهاد بالنفس والمال، فيها تقديم المال على النفس؟

قال تعالى (الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ).

وقال تعالى (لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).

وقال تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>