وقيل: يحتمل أنه كان يصوم شعبان كله تارة، ويصوم معظمه أخرى، لئلا يتوهم أنه واجب كله كرمضان.
وقيل: المراد بقولها (كله) أنه كان يصوم من أوله تارة، ومن آخره أخرى، ومن أثنائه طوراً، فلا يخلي شيئاً منه من صيام، ولا يخص بعضه بصيام دون بعض.
وقيل: قال ابن المنير: إما يحمل قول عائشة على المبالغة والمراد الأكثر، وإما أن يجمع بأن قولها الثاني متأخر عن قولها الأول، فأخبرت عن أول أمره أنه كان يصوم أكثر شعبان، وأخبرت ثانياً عن آخر أمره أنه كان يصومه كله.
قال الحافظ: ولا يخفى تكلفه، والأول هو الصواب، ويؤيده رواية عبد الله بن شقيق عن عائشة عند مسلم ولفظه (ولا صام شهراً كاملاً قط منذ قدم المدينة غير رمضان).
فائدة: ٣
قال ابن رجب: عند حديث (ذاك شهر يغفل الناس عنه. . .) وفيه دليل على استحباب عمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة، وأن ذلك محبوب عند الله عز وجل.
وفي إحياء الوقت المغفول عنه بالطاعة فوائد:
منها: أنه يكون أخفى، وإخفاء النوافل وإسرارها أفضل.
ومنها: أنه أشق على النفوس، وأفضل الأعمال أشقها على النفوس، وسبب ذلك أن النفوس تتأسى بما تشاهده من أحوال أبناء الجنس، فإذا كثرت يقظة الناس وطاعاتهم كثر أهل الطاعة، لكثرة المقتدين بهم، فسهلت الطاعة، وإذا كثرت الغفلات وأهلها تأسى بهم عموم الناس، فيشق على نفوس المتيقظين طاعاتهم، لقلة من يقتدون بهم فيها.
ومنها: أن المنفرد بالطاعة بين أهل المعاصي والغفلة قد يُدْفَعُ به البلاء عن الناس كلهم، فكأنه يحميهم ويدافع عنهم. [لطائف المعارف ٢٥١ ـ ٢٥٤]