(والتضحيةُ أفضلُ من الصدقةِ بثمنِها).
أي: أن ذبح الأضحية أفضل من التصدق بثمنها.
وهذا مذهب جماهير العلماء، لأمور:
أولاً: أن إراقة الدم والذبح عبادة مقصودة، فإخراج القيمة فيه تعطيل لهذه الحكمة العظيمة.
ثانياً: أن الأضحية سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- وعمل المسلمين إلى يومنا هذا، ولم ينقل أن أحداً منهم أخرج القيمة.
ثالثاً: اقتداء بأبينا إبراهيم -عليه السلام-.
قال الحافظ ابن عبد البر: الضحية عندنا أفضل من الصدقة. وذكر أن هذا هو الصحيح من مذهب مالك وأصحابه.
قال ابن قدامة: وَالْأُضْحِيَّةُ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ بِقِيمَتِهَا.
نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، وَبِهَذَا قَالَ رَبِيعَةُ وَأَبُو الزِّنَادِ.
وَرُوِيَ عَنْ بِلَالٍ، أَنَّهُ قَالَ: مَا أُبَالِي أَنْ لَا أُضَحِّيَ إلَّا بِدِيكٍ، وَلَأَنْ أَضَعَهُ فِي يَتِيمٍ قَدْ تَرِبَ فُوهُ، فَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أُضَحِّيَ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّعْبِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ.
وَلَنَا أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- ضَحَّى وَالْخُلَفَاءَ بَعْدَهُ، وَلَوْ عَلِمُوا أَنَّ الصَّدَقَةَ أَفْضَلُ، لَعَدَلُوا إلَيْهَا.
وَلِأَنَّ إيثَارَ الصَّدَقَةِ عَلَى الْأُضْحِيَّةِ يُفْضِي إلَى تَرْكِ سُنَّةٍ سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-.
وقال الإمام النووي: مذهبنا أن الأضحية أفضل من صدقة التطوع، للأحاديث الصحيحة المشهورة في فضل الأضحية، ولأنها مختلف في وجوبها، بخلاف صدقة التطوع، ولأن الأضحية شعار ظاهر.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: والأضحية والعقيقة والهدي أفضل من الصدقة بثمن ذلك، فإذا كان معه مال يريد التقرب إلى الله كان له أن يضحي به، والأكل من الأضحية أفضل من الصدقة. انتهى.