ورجحه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.
أ- لأن الكراهة حكم شرعي يحتاج إلى دليل، ولا دليل على كراهة مباشرة الضبة حال الاستعمال مادمنا قد قلنا بإباحتها.
ب- ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- حال استعماله لقدحه المضبب بالفضة لم يثبت عنه أنه كان يتوقى هذه الجهة المضببة. [شرح العمدة للطيار].
ج- أن الشيء إذا أُذِنَ فيه كان مباحاً، فما دام الشرع قد أذن به فإنه يكون مباحاً. [شرح البلوغ لابن عثيمين].
(وتصح الطهارة منها).
أي: تصح الطهارة من آنية الذهب والفضة.
فلو جعل الإنسان لوضوئه آنية من ذهب، فالطهارة صحيحة، والاستعمال محرم.
وهذا مذهب جماهير العلماء.
أ- لأن حقيقة الوضوء: هو جريان الماء على الأعضاء، وليس في ذلك معصية؛ وإنما المعصية في استعمال الإناء.
قال ابن تيمية: التحريم إذا كان في ركن العبادة وشرطها، أثَّر فيها، كما كان في الصلاة في اللباس أو البقعة، وأما إذا كان في أجنبي عنها، لم يؤثر، والإناء في الطهارة أجنبي عنها؛ فلهذا لم يؤثر فيها، والله أعلم.
ب- قالوا: إنه لو أكل أو شرب في إناء الذهب والفضة، لم يكن المأكول والمشروب حرامًا، فكذلك الطهارة؛ لأن المنع إنما هو لأجل الظرف، دون ما فيه.
(وتباح آنية الكفار وثيابهم).
وهذا قول أكثر العلماء.
أ-لحديث حديث عمران بن حصين (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه توضأوا من مزادة امرأة مشركة) متفق عليه.
ب-ولحديث (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أكل من الشاة التي أهدتها له يهودية من خيبر) متفق عليه.
ج-ولحديث أنس (أن يهودياً دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى خبز شعير وإهالة سنخة فأجابه) رواه أحمد.
(الإهالة) الودك. (السنخة) المتغيرة.
د-وأيضاً: أن الله أباح لنا طعام أهل الكتاب، ومن المعلوم أنهم يأتون به إلينا أحياناً مطبوخاً بأوانيهم.
هـ-وأيضاً: أن الله أباح نساء أهل الكتاب، ومعلوم أن عرقهن لا يسلم منه من يضاجعهن.
• فإن قيل: ما الجواب عن حديث أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: (قُلْتُ: يَا رَسُولَ الْلَّهِ، إِنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ، أَفَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ؟ فَقَالَ: "لَا تَأْكُلُوا فِيهَا، إِلَّا أَنْ لَا تَجِدُوا غَيْرَهَا، فَاغْسِلُوهَا، وَكُلُوا فِيهَا) مُتَّفَقٌ عَلَيْه.
الجواب: أن هذا الحديث محمول على قوم عرفوا بمباشرتهم النجاسات كأكل الخنزير ونحوه ويدل لهذا رواية أبي داود وأحمد (إن أرضنا أرض أهل كتاب، وإنهم ليأكلون لحم الخنزير ويشربون الخمر، فكيف نصنع بآنيتهم وقدورهم؟).
(أن المقصود من الحديث الأواني التي يستعملونها لا التي يصنعونها لنا).