وكان من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان حريصا على الأضحية، حتى إنه ضحى، لما أدركه الأضحى في سفره.
روى مسلم عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: ذَبَحَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ضَحِيَّتَهُ، ثُمَّ قَالَ: (يَا ثَوْبَانُ، أَصْلِحْ لَحْمَ هَذِهِ)، فَلَمْ أَزَلْ أُطْعِمُهُ مِنْهَا حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ
قال النووي: فِيهِ أَنَّ الضَّحِيَّةَ مَشْرُوعَةٌ لِلْمُسَافِرِ، كَمَا هِيَ مَشْرُوعَةٌ لِلْمُقِيمِ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَبِهِ قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ " انتهى.
وهذا دليل على تعظيم النبي -صلى الله عليه وسلم- لأمر الأضحية.
(أَفْضَلُهَا: إِبلٌ، ثُمَّ بَقرٌ، ثُمَّ غَنَمٌ).
أي: الأفضل في الأضحية أن تكون من الإبل، ثم من البقر، ثم من الغنم.
هذا هو الشرط الأول من شروط الأضحية: أن تكون من بهيمة الأنعام.
لقوله تعالى (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَام).
قال القرطبي: والأنعام هنا هي الإبل والبقر والغنم.
ولم تنقل الأضحية عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بغير بهيمة الأنعام.
قال ابن رشد: أجمع العلماء على جواز الضحايا من جميع بهيمة الأنعام، واختلفوا في الأفضل من ذلك.
وقال النووي: فشرط المجزئ في الأضحية أن يكون من الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم.
• قوله (أَفْضَلُهَا: إِبلٌ، ثُمَّ بَقرٌ، ثُمَّ غَنَمٌ).
وهذا قول الشافعية، والحنابلة، والظاهرية، وبه قال بعض المالكية.
قال ابن قُدامة: وأفضل الأضاحي البدنة، ثم البقرة، ثم الشاة، ثم شرك فِي بقرة، وبهذا قَالَ أبو حنيفة، والشافعي.
أ- لحديث أبي هريرة. قال: قال -صلى الله عليه وسلم- (من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً … ) متفق عليه.
قال النووي: وفيه أن التضحية بالإبل أفضل من البقرة، لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قدَّمَ الإبل، وجعلَ البقرة في الدرجة الثانية.
ب- قال ابن قدامة: ولأنه ذبح يتقرب به إلى الله تعالى، فكانت البدنةُ فيه أفضل، كالهدي فإنه قد سلَّمَه.
ج- ولأنها أكثر ثمناً ولحماً وأنفع.