فائدة: ٩
ذهب بعض العلماء إلى جواز الربا بين المسلم والكافر الحربي في دار الحرب.
وقد جاء في ذلك حديث عن مكحول عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال (لا ربا بين مسلم وحربي في دار الحرب).
والصحيح - وهو ما ذهب إليه أكثر العلماء، ومنهم الأئمة: مالك والشافعي وأحمد -: أن الربا محرَّم بين مسلم ومسلم، وبين مسلم وكافر في ديار الإسلام، أو ديار الكفر، أو ديار الحرب.
قال ابن قدامة: وَيَحْرُمُ الرِّبَا فِي دَارِ الْحَرْبِ، كَتَحْرِيمِهِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ.
وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَجْرِي الرِّبَا بَيْنَ مُسْلِمٍ وَحَرْبِيٍّ فِي دَارِ الْحَرْبِ.
وَعَنْهُ فِي مُسْلِمَيْنِ أَسْلَمَا فِي دَارِ الْحَرْبِ، لَا رِبَا بَيْنَهُمَا.
لِمَا رَوَى مَكْحُولٌ، عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ (لَا رِبَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الْحَرْبِ فِي دَارِ الْحَرْب).
وَلِأَنَّ أَمْوَالَهُمْ مُبَاحَةُ، وَإِنَّمَا حَظَرَهَا الْأَمَانُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، فَمَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَانَ مُبَاحًا.
وَلَنَا، قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى (وَحَرَّمَ الرِّبَا).
وَقَوْلُهُ (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَس).
وَقَالَ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا).
وَعُمُومُ الْأَخْبَارِ يَقْتَضِي تَحْرِيمَ التَّفَاضُلِ.
وَقَوْلُه (مَنْ زَادَ أَوْ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى).
عَامٌّ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَحَادِيثِ.
وَلِأَنَّ مَا كَانَ مُحَرَّمًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ كَانَ مُحَرَّمًا فِي دَارِ الْحَرْبِ، كَالرِّبَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَخَبَرُهُمْ مُرْسَلٌ لَا نَعْرِفُ صِحَّتَهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ. (المغني).