وشرط ذلك: أن لا يبقى أثر للنجاسة، لا طعمها، ولا لونها، ولا ريحها.
أ-القياسُ على ما أجمَعوا عليه من أنَّ الخَمرةَ إذا استحالتْ بنفْسِها وصارتْ خلًّا، كانت طاهرةً؛ فكذلك سائِرُ النَّجاساتِ إذا انقلَبَت إلى عينٍ طاهرةٍ، صار لها حُكمُ الطَّاهرات.
ب- أنَّ المعنى الذي لأجْله كانت تلك العَينُ نَجسةً، معدومٌ في العَينِ التي استحالَت إليها؛ فلا معنى لبقاءِ الاسمِ عليه، فالشَّرعُ رتَّبَ وَصفَ النَّجاسةِ على تلك الحقيقةِ، فينتفي بانتفائِها.
قال ابن القيم في أعلام الموقعين: ومن الممتنع بقاء حكم الخبيث وقد زال اسمه ووصفه والحكم تابع للاسم والوصف دائر معه وجوداً أو عدما، فالنصوص المتناولة لتحريم الميتة والدم ولحم الخنزير والخمر لا يتناول الزروع والثمار والرماد والملح والخل لا لفظاً ولا معنى ولا نصا ولا قياساً.
(وتطهر خمرة انقلبت بنفسها خلاً).
أي: أن الخمر إذا تخللت بنفسها - بدون فعل أحد - فإنها تكون طاهرة.
قال النووي: وأجمعوا على أنها إذا انقلبت بنفسها خلاً طهرت، وقد حكي عن سحنون أنها لا تطهر، فإن صح عنه فهو محجوج بإجماع من قبله.
وإما إذا تخللت بفعل آدمي كما لو تخللت بأن أضاف إليها إنسان شيئاً، أو نقلها من الشمس إلى الظل أو العكس، فإنه لا يجوز ولا تطهر.
وهذا مذهب جمهور العلماء.
أ- لحديث أَنَس بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ:(سُئِلَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ اَلْخَمْرِ تُتَّخَذُ خَلًّا? قَالَ: لَا) أَخْرَجَهُ مُسْلِم.
(تُتَّخَذُ خَلًّا) المراد باتخاذها خلاً هو علاجها حتى تصير خلاً بعدما تشتد وتقذف الزبد، وذلك بوضع شيء فيها، كبصل أو خبز أو خميرة ونحو ذلك، أو ينقلها من الظل إلى الشمس أو بالعكس.
ب- وعند أبي داود: عَنْ أَنَس (أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ، سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَيْتَامٍ وَرِثُوا خَمْرًا، قَالَ: أَهْرِقْهَا قَالَ: أَفَلَا أَجْعَلُهَا خَلًّا؟ قَالَ: لَا).