(وتصِح إمامةُ ولدِ الزنا).
وإنما نص بعض العلماء على هذه المسألة، لأن بعض العلماء قال بكراهة إمامته.
وعللوا ذلك بثلاث تعليلات:
التعليل الأول: أن ولد الزنا الغالب من حاله الجهل لفقد من يؤدبه ويعلمه.
التعليل الثاني: أن الناس لا يرغبون في الصلاة خلفه، فتؤدي إمامته إلى تقليل الجماعة.
التعليل الثالث: أن الإمامة منصب فضيلة فكره تقديمه كالعبد.
والراجح أنه لا تكره إمامته.
وبهذا قال الحسن، والنخعي، والزهري، وأحمد.
لعموم الأدلة (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله).
جاء في (الموسوعة الفقهية) اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ إِمَامَةِ وَلَدِ الزِّنَا:
فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى كَرَاهَتِهَا وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ:
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لَا تُكْرَهُ إِمَامَةُ وَلَدِ الزِّنَا إِذَا سَلِمَ دِينُهُ.
قَال عَطَاءٌ: لَهُ أَنْ يَؤُمَّ إِذَا كَانَ مَرْضِيًّا.
وَبِهِ قَال سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى وَالْحَسَنُ وَالنَّخَعِيُّ وَالزُّهْرِيُّ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَإِسْحَاقُ.
وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم- (يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ) رواه مسلم.
وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا (لَيْسَ عَلَيْهِ مِنْ وِزْرِ أَبَوَيْهِ شَيْء) رواه البيهقي، وَقَدْ قَال اللَّهُ تَعَالَى (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) وَقَال تَعَالَى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ). انتهى.
وقال ابن حجر: وَإِلَى صِحَّةِ إِمَامَةِ وَلَدِ الزِّنَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ أَيْضًا، وَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ أَنْ يُتَّخَذَ إِمَامًا رَاتِبًا، وَعِلَّتُهُ عِنْدَهُ أَنَّهُ يصير مُعَرَّضًا لِكَلَامِ النَّاسِ فَيَأْثَمُونَ بِسَبَبِهِ، وَقِيلَ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْغَالِبِ مَنْ يَفْقَهُهُ فَيَغْلِبُ عَلَيْهِ الْجَهْلُ. انتهى.