للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).

فبين سبحانه سبب الاضطرار وهو المخمصة.

وإذاً: يمكننا أن نقول: إن حد الاضطرار المبيح لتناول المحرم: هو أن يخاف على نفسه التلف بسبب الجوع ولم يجد ما يتغذى به من الحلال، بشرط أن يكون غير متجانف لإثم، وهو الباغي والعادي.

قال ابن قدامة: إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّ الضَّرُورَةَ الْمُبِيحَةَ، هِيَ الَّتِي يَخَافُ التَّلَفَ بِهَا إنْ تَرَكَ الْأَكْلَ.

قَالَ أَحْمَدُ: إذَا كَانَ يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جُوعٍ، أَوْ يَخَافُ إنْ تَرَكَ الْأَكْلَ عَجَزَ عَنْ الْمَشْيِ، وَانْقَطَعَ عَنْ الرُّفْقَةِ فَهَلَكَ، أَوْ يَعْجِزُ عَنْ الرُّكُوبِ فَيَهْلَكُ، وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِزَمَنٍ مَحْصُورٍ. (المغني).

وقال الشنقيطي: حَدُّ الِاضْطِرَارِ الْمُبِيحِ لِأَكْلِ الْمَيْتَةِ، وَهُوَ الْخَوْفُ مِنَ الْهَلَاكِ عِلْمًا أَوْ ظَنًّا.

رابعاً: اختلف العلماء في المراد بالباغي والعادي على قولين:

القول الأول: أن المراد بالباغي هو الخروج على إمام المسلمين، والإثم الذي يتجانف إليه العادي هو إخافة الطريق وقطعها على المسلمين، ويلحق بذلك كل سفر معصية لله، لأن في ذلك إباحة على المعصية وذلك لا يجوز.

فعلى هذا القول: الباغي: الخارج على الإمام، والعادي: قاطع الطريق، وكل مسافر سفر معصية.

القول الثاني: أن المراد بالباغي: الذي يبغي المحرم من الطعام مع قدرته على الحلال، والعادي الذي يتعدى القدر الذي يحتاج إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>