(ولا أن يتولاهُما من يتولَى الصلاة).
أي: لا يشترط أن يتولى الخطبتين من يتولى الصلاة، فلو خطب رجل وصلى آخر فإنه يصح.
أ- لأنه لا يُشترَطُ اتصالُ الصَّلاةِ بالخُطبةِ؛ فلمْ يُشترَطْ أن يتولَّاهما واحدٌ، كصَلاتين.
ب-لأنَّه لا يُوجَدُ دليلٌ على الاشتراط.
ج- لأنَّ المقصودَ يحصُل، سواءٌ صلَّى الخطيبُ أو غيره.
قال ابن قدامة: السُّنَّةُ أَنْ يَتَوَلَّى الصَّلَاةَ مَنْ يَتَوَلَّى الْخُطْبَةَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَتَوَلَّاهُمَا بِنَفْسِهِ، وَكَذَلِكَ خُلَفَاؤُهُ مِنْ بَعْدِهِ.
وَإِنْ خَطَبَ رَجُلٌ، وَصَلَّى آخَرُ لِعُذْرٍ، جَازَ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ.
لِأَنَّهُ إذَا جَازَ الِاسْتِخْلَافُ فِي الصَّلَاةِ الْوَاحِدَةِ لِلْعُذْرِ، فَفِي الْخُطْبَةِ مَعَ الصَّلَاةِ أَوْلَى.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ، فَقَالَ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يُعْجِبُنِي مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ.
فَيُحْتَمَلُ الْمَنْعُ.
لِأَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَتَوَلَّاهُمَا، وَقَدْ قَالَ: (صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي).
وَلِأَنَّ الْخُطْبَةَ أُقِيمَتْ مَقَامَ رَكْعَتَيْنِ.
وَيُحْتَمَلُ الْجَوَازُ.
لِأَنَّ الْخُطْبَةَ مُنْفَصِلَةٌ عَنْ الصَّلَاةِ، فَأَشْبَهَتَا صَلَاتَيْنِ.
(ومِن سُنَنِهِما: أن يخطب على منبر، أو موضعٍ عالٍ).
أي: من سنن الخطبتين أن يخطب على منبر.
وقد جاءت نصوص كثيرة تدل على ذلك:
أ- عن سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ (رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ قَامَ -صلى الله عليه وسلم- فَكَبَّرَ وَكَبَّرَ النَّاسُ وَرَاءَهُ، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ. ثُمَّ رَفَعَ فَنَزَلَ الْقَهْقَرَى، حَتَّى سَجَدَ فِي أَصْلِ الْمِنْبَرِ، ثُمَّ عَادَ حَتَّى فَرَغَ مِنْ آخِرِ صَلاتِهِ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّمَا صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا بِي، وَلِتَعْلَمُوا صَلاتِي - وَفِي لَفْظٍ - صَلَّى عَلَيْهَا. ثُمَّ كَبَّرَ عَلَيْهَا. ثُمَّ رَكَعَ وَهُوَ عَلَيْهَا، فَنَزَلَ الْقَهْقَرَى).