للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فائدة: ٢]

قال ابن القيم: قَوْلُهَا: (كَانَ بَطْنِي وِعَاءً) إلَى آخِرِهِ إدْلَاءٌ مِنْهَا وَتَوَسّلٌ إلَى اخْتِصَاصِهَا بِهِ كَمَا اخْتَصّ بِهَا فِي هَذِهِ الْمَوَاطِنِ الثّلَاثَةِ وَالْأَبُ لَمْ يُشَارِكْهَا فِي ذَلِكَ فَنَبّهَتْ وَالْمُخَاصَمَةِ.

وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى اعْتِبَارِ الْمَعَانِي وَالْعِلَلِ وَتَأْثِيرِهَا فِي الْأَحْكَامِ وَإِنَاطَتِهَا بِهَا وَأَنّ ذَلِكَ أَمْرٌ مُسْتَقِرّ فِي الْفِطَرِ السّلِيمَةِ حَتّى فِطَرِ النّسَاءِ وَهَذَا الْوَصْفُ الّذِي أَدْلَتْ بِهِ الْمَرْأَةُ وَجَعَلَتْهُ سَبَبًا لِتَعْلِيقِ الْحُكْمِ بِهِ قَدْ قَرّرَهُ النّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- وَرَتّبَ عَلَيْهِ أَثَرَهُ وَلَوْ كَانَ بَاطِلًا أَلْغَاهُ بَلْ تَرْتِيبُهُ الْحُكْمَ عُقَيْبَهُ دَلِيلٌ عَلَى تَأْثِيرِهِ فِيهِ وَأَنّهُ سَبَبُهُ.

وَاسْتُدِلّ بِالْحَدِيثِ عَلَى الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ فَإِنّ الْأَبَ لَمْ يُذْكَرْ لَهُ حُضُورٌ وَلَا مُخَاصَمَةٌ وَلَا دِلَالَةٌ فِيهِ لِأَنّهَا وَاقِعَةُ عَيْنٍ فَإِنْ كَانَ الْأَبُ حَاضِرًا فَظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَالْمَرْأَةُ إنّمَا جَاءَتْ مُسْتَفْتِيَةً أَفْتَاهَا النّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- بِمُقْتَضَى مَسْأَلَتِهَا وَإِلّا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا عَلَى الزّوْجِ إنّهُ طَلّقَهَا حَتّى يُحْكَمَ لَهَا بِالْوَلَدِ بِمُجَرّدِ قَوْلِهَا. (زاد المعاد).

والله أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>