الوجه الأول: أنه يفوت مقصده من الرفقة إذا انتظر الصَّلاةَ مع الجماعةِ أو الجُمعةِ.
الوجه الثاني: أنه ينشغلُ قلبُه كثيراً، إذا سَمِعَ رفقته يتهيَّأون للسير وهو يُصلِّي فإنه يقلَقُ كثيراً، فإذا خِفْتَ فواتَ الرُّفقةِ فإنك معذورٌ بتَرْكِ الجُمُعةِ والجماعة، ولا فَرْقَ بين أن يكون السَّفرُ سفرَ طاعةٍ أو سفراً مباحاً، وسفر الطاعة كالسفر لعُمرةٍ أو حَجٍّ أو طلب عِلمٍ، والمباح كالسَّفر للتجارة ونحوها. … (الشرح الممتع).
(أَوْ غَلَبَةِ نُعَاسٍ).
أي: ومن الأعذار في ترك الجماعة غلبة النوم.
أ - عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ، أنَّ معاذَ بنَ جبل -رضي الله عنه-، كان يُصلِّي مع النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، ثم يأتي قومَه فيُصلِّي بهم الصَّلاة، فقرأ بهم البقرة، قال: فتجوَّز رجلٌ فصلَّى صلاةً خفيفة، فبلَغَ ذلك معاذًا، فقال: إنَّه منافقٌ، فبَلغ ذلك الرجُلَ، فأتى النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسولَ الله، إنَّا قومٌ نعمل بأيدينا، ونَسقي بنواضِحنا، وإنَّ معاذًا صلَّى بنا البارحةَ، فقرأ البقرةَ، فتجوَّزتُ، فزعَم أنِّي منافِقٌ، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: يا معاذُ، أَفتَّانٌ أنت- ثلاثًا! اقرأ: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى، ونحوها) متفق عليه.
ب - وَجْهُ الدَّلالَة: أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- عذَرَ الرجلَ الذي قطع صلاتَه مع معاذ، ولم يُنكِرْ عليه؛ وذلك لأنَّ معاذًا كان يُطيلُ صلاة العِشاء، وهم في حاجةٍ إلى النومِ والراحةِ للعمل صباحاً.
ت - ب- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- (إذا نَعَسَ أحدُكم وهو يُصلِّي فلْيرقُدْ، حتى يذهبَ عنه النومُ، فإنَّ أحدَكم إذا صلَّى وهو ناعِسٌ، لا يَدري لعلَّه يَستغفِرُ فيسُبَّ نفسَه) رواه مسلم.