وقال ابن قدامة: حتَّى يُكْمِلَ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ، يَحْتَسِبُ بِالذَّهَابِ سَعْيَةً، وَبِالرُّجُوعِ سَعْيَةً.
وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ جَرِيرٍ، وَبَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، أَنَّهُمْ قَالُوا: ذَهَابُهُ وَرُجُوعُهُ سَعْيَةٌ.
وَهَذَا غَلَطٌ؛ لِأَنَّ جَابِرًا قَالَ فِي صِفَةِ حَجِّ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- (ثُمَّ نَزَلَ إلَى الْمَرْوَةِ، حَتَّى إذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ، رَمَلَ فِي بَطْنِ الْوَادِي، حَتَّى إذَا صَعِدْنَا مَشَى، حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ، فَفَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةِ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا، فَلَمَّا كَانَ آخِرُ طَوَافِهِ عَلَى الْمَرْوَةِ، قَالَ: لَوْ اسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْت، لَمْ أَسُقْ الْهَدْيَ، وَجَعَلْتهَا عُمْرَةً).
وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ آخِرُ طَوَافِهِ، وَلَوْ كَانَ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ، كَانَ آخِرُ طَوَافِهِ عِنْدَ الصَّفَا، فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ.
وَلِأَنَّهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ طَائِفٌ بِهِمَا، فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْتَسِبَ بِذَلِكَ مَرَّةً، كَمَا أَنَّهُ إذَا طَافَ بِجَمِيعِ الْبَيْتِ احْتَسَبَ بِهِ مَرَّةً. (المغني).
مبحث: ١١
يقول في سعيه ما أحب من ذكر ودعاء وقرآن، وإن دعا في السعي بقوله (رب اغفر وارحم، إنك أنت الأعز الأكرم) فلا بأس لثبوت ذلك عن ابن مسعود وابن عمر.
مبحث: ١٢
إذا كان في آخر شوط من السعي أتمه بصعوده المروة، ولا يقف للدعاء ولا للذكر، لأن العبادة قد انتهت.
مبحث: ١٣
حكم الموالاة بين الطواف والسعي:
اختلف الفقهاء في حكم الموالاة بين الطواف والسعي على قولين:
القول الأول: أن الموالاة بينهما سنة، فلا يضر الفصل بزمن طويل.
وهو قول الحنفية، وقول عند المالكية، والمذهب عند الشافعية، وقول الحنابلة.
أ - أن كل واحد من الطواف والسعي ركن، والموالاة بين أركان الحج لا تجب، كالوقوف بعرفة وطواف الإفاضة.
ب - ب-أن الموالاة إذا لم تجب في السعي نفسه، ففيما بينه وبين الطواف أولى.
القول الثاني: أن الموالاة بين الطواف والسعي شرط، فلو فرق بينهما كثيراً لزم إعادة الطواف والسعي.
وهو قول عند المالكية، ووجه عند الشافعية.