(وَيُدْفَنُ فِي ثِيَابِهِ بَعْدَ نَزْعِ السِّلَاحِ وَالجُلُودِ عَنْهُ).
أي: يدفن الشهيد في ثيابه التي قتل فيها؛ لأنه يبعث يوم القيامة على ما مات عليه من القتل.
قال ابن قدامة: أَمَّا دَفْنُهُ بِثِيَابِهِ، فَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا.
أ- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ (أَمَرَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِقَتْلَى أُحُدٍ أَنْ يُنْزَعَ عَنْهُمُ الْحَدِيدُ وَالْجُلُودُ، وَأَنْ يُدْفَنُوا بِدِمَائِهِمْ وَثِيَابِهِم). رواه أبو داود
ب- وروى أحمد أن رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ يَوْمَ أُحُد (زَمِّلُوهُمْ فِي ثِيَابِهِمْ).
ج- وعَنْ جَابِرٍ، قَالَ (رُمِيَ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فِي صَدْرِهِ - أَوْ فِي حَلْقِهِ - فَمَاتَ فَأُدْرِجَ فِي ثِيَابِهِ كَمَا هُوَ، قَالَ: وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- رواه أبو داود. قال الحافظ: إسناده صحيح على شرط مسلم.
[فائدة: ١]
اختلف الفقهاء في أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بدفن الشهداء في ثيابهم، هل هو على سبيل الاستحباب والأولوية، أم على سبيل الوجوب؟ على قولين:
القول الأول: أنه على سبيل الاستحباب.
قال به الشافعية وبعض الحنابلة.
قال النووي: ثم وليه بالخيار إن شاء كفنه بما عليه، وإن شاء نزعه وكفنه بغيره، وتركه أفضل.
وقال ابن قدامة: وليس هذا بحتم، لكنه الأولى، وللولي أن ينزع عنه ثيابه ويكفنه بغيرها.
واستدلوا على عدم الوجوب:
بما رواه أحمد عن الزبير أن أمه صفية (وهي أخت حمزة) (أتت يوم أحد بثوبين وقالت: هَذَانِ ثَوْبَانِ جِئْتُ بِهِمَا لأَخِي حَمْزَةَ فَقَدْ بَلَغَنِي مَقْتَلُهُ فَكَفِّنُوهُ فِيهِمَا، قَالَ: فَجِئْنَا بِالثَّوْبَيْنِ لِنُكَفِّنَ فِيهِمَا حَمْزَةَ فَإِذَا إِلَى جَنْبِهِ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ قَتِيلٌ قَدْ فُعِلَ بِهِ كَمَا فُعِلَ بِحَمْزَةَ، قَالَ: فَوَجَدْنَا غَضَاضَةً وَحَيَاءً أَنْ نُكَفِّنَ حَمْزَةَ فِي ثَوْبَيْنِ وَالأَنْصَارِيُّ لا كَفَنَ لَهُ، فَقُلْنَا: لِحَمْزَةَ ثَوْبٌ وَلِلأَنْصَارِيِّ ثَوْبٌ، فَقَدَرْنَاهُمَا فَكَانَ أَحَدُهُمَا أَكْبَرَ مِنْ الآخَرِ فَأَقْرَعْنَا بَيْنَهُمَا فَكَفَّنَّا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الثَّوْبِ الَّذِي صَارَ لَه).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute