للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَتَحْرُمُ الثَّلَاثُ إِذاً).

أي: يحرم إيقاع الطلقات الثلاث جميعاً: بأن يقول: أنتِ طالق ثلاثاً، أو يقول: أنتِ طالق، أنت طالق، أنت طالق.

فإنه لا فرق بين الصورتين كما نص على ذلك ابن تيمية. (فقه الدليل).

والقول بالتحريم: هو مذهب الحنفية والمالكية، وإحدى الروايتين عن أحمد، وقول شيخ الإسلام وابن القيم:

لحديث مَحْمُود بْنِ لَبِيدٍ قَالَ (أُخْبِرَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ اِمْرَأَتَهُ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ جَمِيعًا، فَقَامَ غَضْبَانَ ثُمَّ قَالَ: أَيُلْعَبُ بِكِتَابِ اَللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ". حَتَّى قَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ! أَلَا أَقْتُلُهُ?) رَوَاهُ النَّسَائِي.

قال ابن قدامة: وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، أَنَّ جَمْعَ الثَّلَاثِ طَلَاقُ بِدْعَةٍ، مُحَرَّمٌ.

اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو حَفْصٍ.

رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ.

وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ،.

قَالَ عَلِيٌّ -رضي الله عنه-: لَا يُطَلِّقُ أَحَدٌ لِلسُّنَّةِ فَيَنْدَمُ.

وَعَنْ عُمَرَ -رضي الله عنه- أَنَّهُ كَانَ إذَا أُتِيَ بِرَجُلٍ طَلَّقَ ثَلَاثًا، أَوْجَعَهُ ضَرْبًا.

وَعَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: إنَّ عَمِّي طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا. فَقَالَ: إنَّ عَمَّك عَصَى اللَّهَ، وَأَطَاعَ الشَّيْطَانَ، فَلَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَهُ مخرَجًا. وَوَجْهُ ذَلِكَ:

أ- قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) إلَى قَوْلِهِ (لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا).

ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا). (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا).

وَمَنْ جَمَعَ الثَّلَاثَ لَمْ يَبْقَ لَهُ أَمْرٌ يَحْدُثُ، وَلَا يَجْعَلُ اللَّهُ لَهُ مَخْرَجًا وَلَا مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>