(وكذا قُدّامَه أو خلف الصف).
أي: ولا تصح أن يصف المأموم قدام الإمام، وكذا لا يصح أن يصلي خلف الصف لوحده.
المسألة الأولى: أن يصلي قدام الإمام.
اختلف العلماء في صحة صلاة المأموم أمام الإمام على أقوال:
القول الأول: لا تصح الصلاة أمام الإمام.
وهذا قول الحنفية، والحنابلة.
أ- لقوله تعالى (إنما جعل الإمام ليؤتم به).
وجه الدلالة: أن المأموم إذا تقدم على الإمام فهو غير مؤتم به، لأنه يحتاج حينئذ إلى الالتفات وراءه حتى يتمكن من متابعة الإمام والاقتداء به.
ب- وَلِأَنَّهُ يَحْتَاجُ فِي الِاقْتِدَاءِ إلَى الِالْتِفَاتِ إلَى وَرَائِهِ.
ج- وَلِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَلَا هُوَ فِي مَعْنى المنقول فلم يَصِح. (المغني).
القول الثاني: تصح مع الكراهة.
وهذا مذهب مالك.
ودليلهم: أن مخالفة الرتبة لا تفسد الصلاة كما لو صلى عن يسار الإمام.
القول الثالث: تصح مع العذر دون غيره.
وهذا اختيار ابن تيمية.
لأن ترك التقدم على الإمام غايته أن يكون واجباً من واجبات الصلاة في الجماعة، والواجبات تسقط بالعذر.
وأما دليل عدم صحتها بدون عذر هي نفس أدلة القول الأول.
وهذا الراجح.
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: هل تجزئ الصلاة قدام الإمام أو خلفه في المسجد وبينهما حائل أم لا؟
فأجاب: أما صلاة المأموم قدَّام الإمام: ففيها ثلاثة أقوال للعلماء:
أحدها: أنها تصح مطلقاً، وإن قيل: إنها تكره.
وهذا القول هو المشهور من مذهب مالك، والقول القديم للشافعي.
والثاني: أنها لا تصح مطلقاً.
كمذهب أبي حنيفة، والشافعي، وأحمد في المشهور من مذهبهما.
والثالث: أنها تصح مع العذر دون غيره، مثل ما إذا كان زحمة فلم يمكنه أن يصلي الجمعة أو الجنازة إلا قدام الإمام، فتكون صلاته قدام الإمام خيراً له من تركه للصلاة.