قال في "عون المعبود: فيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّج بِمَنْ ظَهَرَ مِنْهَا الزِّنَا، وَيَدُلّ عَلَى ذَلِكَ الْآيَة الْمَذْكُورَة فِي الْحَدِيث لِأَنَّ فِي آخِرهَا: (وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) فَإِنَّهُ صَرِيح فِي التَّحْرِيم" انتهى.
ج- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (لَا يَنْكِحُ اَلزَّانِي اَلْمَجْلُودُ إِلَّا مِثْلَهُ) رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد.
قال الشوكاني: وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتَزَوَّجَ مَنْ ظَهَرَ مِنْهُ الزِّنَى وَكَذَلِكَ لَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِمَنْ ظَهَرَ مِنْهَا الزِّنَى، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ الْآيَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْكِتَابِ لِأَنَّ فِي آخِرِهَا: {وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [النور: ٣] فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي التَّحْرِيمِ
وذهب بعض العلماء: إلى أنه يجوز نكاح الزانية قبل توبتها.
وهو مذهب الحنفية، والمالكية، والشافعية.
لأن المولى عز وجل بعد من ذكر المحرمات من النساء قال (وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُم).
والراجح التحريم.
وقال ابن تيمية: نكاح الزانية حرام حتى تتوب، سواء كان زنى بها هو أو غيره. هذا هو الصواب بلا ريب وهو مذهب طائفة من السلف والخلف: منهم أحمد بن حنبل وغيره، وهذا هو الذي دل عليه الكتاب والسنة والاعتبار.
فائدة: ١
حكم نكاح الزانية بعد توبتها؟
اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:
[القول الأول: يحل نكاحها لمن زنا بها ولغيره.]
وهذا هو قول الجمهور من العلماء وهو مذهب الأئمة الأربعة.
أ- لقوله تعالى (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (٦٨) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (٦٩) إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً (٧٠) وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً).