قال الحافظُ ابنُ رجبٍ: وقد سمى النبي صلى اللهُ عليه وسلم المحرمَ شهرَ اللهِ، وإضافتهُ إلى اللهِ تدلُّ على شرفهِ وفضلهِ، فإن اللهَ تعالى لا يضيفُ إليه إلا خواصَّ مخلوقاتهِ، كما نسبَ محمداً وإبراهيمَ وإسحاقَ ويعقوبَ وغيرَهم من الأنبياءِ صلواتُ اللهِ عليهم وسلامهُ إلى عبوديتهِ، ونسبَ إليه بيتهُ وناقتهُ، ولما كان هذا الشهرُ مختصاً بإضافتهِ إلى اللهِ تعالى، وكان الصيامُ من بين الأعمالِ مضافاً إلى الله تعالى، فإنهُ لهُ من بين الأعمالِ، ناسبَ أن يختصَّ هذا الشهرُ المضافُ إلى اللهِ بالعملِ المضافِ إليهِ، المختصِّ به، وهو الصيام.
فائدة: ٣
اختلف أهل العلم رحمهم الله في مدلول الحديث؛ هل يدل الحديث على صيام الشهر كاملاً أم أكثره؟
وظاهر الحديث - والله أعلم- يدل على فضل صيام شهر المحرم كاملاً.
وحمله بعض العلماء على الترغيب في الإكثار من الصيام في شهر المحرم لا صومه كله.
لقول عائشة رضي الله عنها (ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر منه صياماً في شعبان) أخرجه مسلم.
ولكن قد يقال إن عائشة رضي الله عنها ذكرت ما رأته هنا ولكن النص يدل على صيام الشهر كاملًا.