(ووقتُها من خروجِ وقت النهي إلى قبيْل الزوال).
أي: وقت صلاة الضحى من خروج وقت النهي: لأن وقت النهي من طلوع الشمس إلى أن ترتفع قيد رمح.
إلى قبيل الزوال: أي إلى قبيل الزوال بزمن قليل، لأن ما قبيل الزوال وقت نهي.
(وفعلُها في آخر الوقت أفضل).
أي: أن الأفضل في صلاة الضحى أن تفعل في آخر وقتها.
لحديث زيْدِ بْنِ أَرْقَمَ; أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (صَلَاةُ اَلْأَوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ اَلْفِصَالُ) رواه مسلم.
والفصال هي أولاد الإبل، ومعنى ترمض تشتد عليها الرمضاء وهي حرارة الشمس.
قال النووي: قوله (تَرْمَضُ اَلْفِصَالُ) هُوَ بِفَتْحِ التَّاء وَالْمِيم يُقَال: رَمِضَ يَرْمَض كَعَلِمَ يَعْلَم، وَالرَّمْضَاء: الرَّمَل الَّذِي اِشْتَدَّتْ حَرَارَته بِالشَّمْسِ، أَيْ حِين يَحْتَرِق أَخْفَاف الْفِصَال وَهِيَ الصِّغَار مِنْ أَوْلَاد الْإِبِل - جَمْع فَصِيل - مِنْ شِدَّة حَرّ الرَّمَل. وَالْأَوَّاب: الْمُطِيع، وَقِيلَ: الرَّاجِع إِلَى الطَّاعَة. وَفِيهِ: فَضِيلَة الصَّلَاة هَذَا الْوَقْت. قَالَ أَصْحَابنَا: هُوَ أَفْضَل وَقْت صَلَاة الضُّحَى، وَإِنْ كَانَتْ تَجُوز مِنْ طُلُوع الشَّمْس إِلَى الزَّوَال. (شرح مسلم).
[فوائد]
فائدة ١: روى أحمد وأبو داود عَنْ نُعَيْمِ بْنِ هَمَّارٍ الْغَطَفَانِيِّ -رضي الله عنه- أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ (قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا ابْنَ آدَمَ، لَا تَعْجِزْ عَنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ أَكْفِكَ آخِرَه).
وأخرجه الترمذي من حديث أبي الدرداء، وأبي ذر رضي الله عنهما بلفظ (ابْنَ آدَمَ، ارْكَعْ لِي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ أَكْفِكَ آخِرَهُ) وحسنه الذهبي في "السير".
وقد اختلف أهل العلم في المراد بهذه الصلاة:
فذهب بعضهم إلى أن المراد بها صلاة الضحى.
منهم: أبوداود، والترمذي، والعراقي، وابن رجب الحنبلي، وغيرهم.
وذهب البعض الآخر إلى أن المراد بها صلاة الصبح وسنتها.
ومن هؤلاء شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم رحمهما الله تعالى.
قال ابن القيم: سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: هذه الأربع عندي هي الفجر وسنتها. (زاد المعاد).
فائدة ٢: قال الشيخ ابن عثيمين: … القسم الثاني: لا يصح تداخل العبادات فيه، وذلك فيما إذا كانت العبادتان مقصودتين، فهنا لا يمكن أن تُدخَل نيتان في فعل واحد.
مثّل لذلك الشيخ ابن عثيمين فقال: إنسان فاتته سنة الفجر حتى طلعت الشمس، وجاء وقت صلاة الضحى، فهنا لا تجزئ سنة الفجر عن صلاة الضحى، ولا الضحى عن سنة الفجر، ولا الجمع بينهما أيضاً؛ لأن سنة الفجر مستقلة وسنة الضحى مستقلة، فلا تجزئ إحداهما عن الأخرى.