فَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى ظَاهِرِهِ، فِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ، لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ بِنَفْسِهِ، فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِضْرَارُ بِنَفْسِهِ لِنَفْعِ غَيْرِهِ، وَلِذَلِكَ امْتَنَعَ أَبُو قِلَابَةَ مِنْهُ، وَقَدْ قِيلَ لَهُ: لَيْسَ غَيْرُك.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْقِيَامُ بِالْوَاجِبِ، لِظُلْمِ السُّلْطَانِ أَوْ غَيْرِهِ؛ فَإِنَّ أَحْمَدَ قَالَ: لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ حَاكِمٍ، أَتَذْهَبُ حُقُوقُ النَّاسِ. (المغني).
(ويجب على من يصلح له إذا طلب منه ولم يوجد غيره الإجابة إليه وإن وجد غيره فالأصل تركه).
أي: أن القضاء يكون فرض عين، وذلك بأمور:
أولاً: إذا طلب منه، فإذا لم يطلب منه فلا يكون فرض عين عليه، لأن المسؤول عن تولية القضاة هو الإمام.
ووجه ذلك:
أ-أنه من طاعة ولي الأمر وهي في غير المعصية واجبة.
ب-أنه لو لم يدخل فيه لتعطل مرفق القضاء وذلك لا يجوز كسائر فروض الكفاية.
ثانياً: ولم يوجد أهلٌ يوثق به، فإن وجِد لم يتعين.
ووجه ذلك:
أنه من تغيير المنكر، وتغيير المنكر واجب وهو متوقف عليه فيجب عليه.
وقد تقدم كلام ابن قدامة بقوله: مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ.
وَهُوَ مَنْ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ، وَلَا يُوجَدُ سِوَاهُ، فَهَذَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ، لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ بِهِ غَيْرُهُ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ، كَغُسْلِ
الْمَيِّتِ وَتَكْفِينِهِ.
وَقَدْ نُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ سُئِلَ: هَلْ يَأْثَمُ الْقَاضِي إذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ؟ قَالَ: لَا يَأْثَمُ.
فَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى ظَاهِرِهِ، فِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ، لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ بِنَفْسِهِ، فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِضْرَارُ بِنَفْسِهِ لِنَفْعِ غَيْرِهِ، وَلِذَلِكَ امْتَنَعَ أَبُو قِلَابَةَ مِنْهُ، وَقَدْ قِيلَ لَهُ: لَيْسَ غَيْرُك.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْقِيَامُ بِالْوَاجِبِ، لِظُلْمِ السُّلْطَانِ أَوْ غَيْرِهِ؛ فَإِنَّ أَحْمَدَ قَالَ: لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ حَاكِمٍ، أَتَذْهَبُ حُقُوقُ النَّاسِ. (المغني).