(وَلَا فَقِيرٍ يَعْجزُ عَنْهَا).
فالفقير العاجز عن أدائها لا تجب عليه جزية.
أ- لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا).
ب- وَلِأَنَّ هَذَا مَالٌ يَجِبُ بِحُلُولِ الْحَوْلِ، فَلَا يَلْزَمُ الْفَقِيرَ الْعَاجِزَ، كَالزَّكَاةِ وَالْعَقْلِ.
فائدة:
قال ابن قدامة: وَلَا شَيْخٍ فَانٍ، وَلَا زَمِنٍ، وَلَا أَعْمَى هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمْ مِمَّنْ بِهِ دَاءٌ لَا يَسْتَطِيعُ مَعَهُ الْقِتَالَ، وَلَا يُرْجَى بُرْؤُهُ، لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِمْ.
وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ: عَلَيْهِمْ الْجِزْيَةُ بِنَاءً عَلَى قَتْلِهِمْ.
وَقَدْ سَبَقَ قَوْلُنَا فِي أَنَّهُمْ لَا يُقْتَلُونَ، فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ الْجِزْيَةُ، كَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ.
(وَمَن صَار أهْلاً لَهَا أُخِذَتْ مِنْهُ فِي آخِرِ الْحَوْلِ).
أي: كصبي بلغ، وعبد عتق، وفقير اغتنى، فإنها تؤخذ منه في آخر الحول بالحساب. (أي: بمقدار ما بقي من الحول، إن نصفاً فنصف، أو ربعاً فربع).
(وَمَتَى بَذَلُوا الوَاجِبَ عَلَيْهِمْ وَجَبَ قَبُولُهُ وَحَرُمُ قِتَالُهُمْ).
أي: إذا تم عقد الذمة، وبذل الكفار الجزية، فإنه حينئذ يحرم قتالهم.
أ- لحديث بريدة السابق ( … فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْأَلْهُمْ اَلْجِزْيَةَ، فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُم).
فهذا الحديث نص في وجوب الكف عن قتال أهل الحرب إذا استجابوا إلى الالتزام بأداء الجزية.
ب- قال تعالى (قَاتِلُواْ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ).
فهذه الآية تنص على أن الغاية التي ينبغي عندها وقف القتال ضد الكفار هي إعطاؤهم الجزية.