للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن عجز عن الركوع، فإنه يأتي بالسجود على قدر طاقته ولو بوضع يديه دون جبهته.

قال الشيخ ابن عثيمين: فيمن عجز عن وضع جبهته على الأرض في السجود لجروح فيها: .. فيلزمه أن يضع كفيه على الأرض ثم يدني جبهته إلى الأرض بقدر ما يستطيع. انتهى.

وهذه النقول تدل على أن المصلي يأتي بما يستطيع من الركوع والسجود ولا يكتفي بالإيماء بالرأس عند قدرته، فإن عجز عن الركوع والسجود بالصفة المذكورة آنفاً أومأ برأسه، والمنصوص عليه في كتب الفقهاء هو أن الإيماء يكون بالرأس.

فيومئ برأسه للركوع والسجود ويجعل إيماءه للسجود أخفض من إيمائه للركوع.

- الصحيح أنه لا يصح أن يصلي مستلقياً على ظهره مع قدرته على الصلاة على جنب، واختاره ابن قدامة.

قال ابن قدامة: ولنَا قَوْلُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- (فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْب) وَلَمْ يَقُلْ: فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَمُسْتَلْقِيًا.

وَلِأَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ إذَا كَانَ عَلَى جَنْبِهِ، وَلَا يَسْتَقْبِلُهَا إذَا كَانَ عَلَى ظَهْرِهِ، وَإِنَّمَا يَسْتَقْبِلُ السَّمَاءَ، وَلِذَلِكَ يُوضَعُ الْمَيِّتُ فِي قَبْرِهِ عَلَى جَنْبِهِ قَصْدَ التَّوْجِيهِ إلَى الْقِبْلَةِ.

ثم قال: … وَالدَّلِيلُ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ أَمْرَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي قَوْلِهِ (فَعَلَى جَنْب).

وَلِأَنَّهُ نَقَلَهُ إلَى الِاسْتِلْقَاءِ عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ الصَّلَاةِ عَلَى جَنْبِهِ، فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ مَعَ إمْكَانِ الصَّلَاةِ عَلَى جَنْبِه. (المغني)

(فإنْ عَجزَ أوْمأ بعينهِ).

أي: إذا صار المريض لا يستطيع أن يومئَ بالرأس، فإنه يومئ بالعين.

وإلى هذا القول: ذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة.

فالمريض إذا عجز عن الإيماء برأسه فإنه يومئ بعينه.

فيكبر ويقرأ فإذا أراد أن يركع غمّض عينه قليلاً، فإذا قال: سمع الله لمن حمده، فتح طرفه، فإذا سجد أغمض أكثر.

لقوله -صلى الله عليه وسلم- (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) متفق عليه.

وجه الدلالة: أن الإنسان مكلف بما يستطيعه، والمريض العاجز عن الإيماء برأسه، قادر على الإيماء بطرفه، فيلزمه أن يأتي من الصلاة بما يستطيع.

<<  <  ج: ص:  >  >>