للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال السندي: قوله (باللات) أي بلا قصد بل على طريق جرى العادة بينهم، لأنهم كانوا قريبي العهد بالجاهلية، وقوله: لا إله إلا الله استدراك لما فاته من تعظيم الله تعالى في محله ونفى لما تعاطى من تعظيم الأصنام صورة، وأما من قصد الحلف بالأصنام تعظيما لها فهو كافر نعوذ بالله منه.

(وَلَا تَجِبُ بِهِ كَفَّارَةٌ).

أي: لا تنعقد هذه اليمين التي بغير الله.

فلو حلف بالملك أو بالصنم أو بالنبي فإن هذه اليمن غير منعقدة.

قال ابن قدامة: وَلَا تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِالْحَلِفِ بِمَخْلُوقٍ؛ كَالْكَعْبَةِ، وَالْأَنْبِيَاءِ، وَسَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ فِيهَا، هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ.

وَقَالَ أَصْحَابُنَا: الْحَلِفُ بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَمِينٌ مُوجِبَةٌ لِلْكَفَّارَةِ.

وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: إذَا حَلَفَ بِحَقِّ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَحَنِثَ، فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ.

قَالَ أَصْحَابُنَا: لِأَنَّهُ أَحَدُ شَرْطَيْ الشَّهَادَةِ، فَالْحَلِفُ بِهِ مُوجِبٌ لِلْكَفَّارَةِ، كَالْحَلِفِ بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى.

وَوَجْهُ الْأَوَّلِ: قَوْلُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- (مَنْ كَانَ حَالِفًا، فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ، أَوْ لِيَصْمُتْ).

وَلِأَنَّهُ حَلِفٌ بِغَيْرِ اللَّهِ، فَلَمْ يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ، كَسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ.

وَلِأَنَّهُ مَخْلُوقٌ، فَلَمْ تَجِبْ الْكَفَّارَةُ بِالْحَلِفِ بِهِ، كَإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْصُوصٍ عَلَيْهِ، وَلَا فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>