للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن قدامة: وَمَا احْتَجُّوا بِهِ، فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِمَنْ كَلَّمَ الْإِمَامَ، أَوْ كَلَّمَهُ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَشْتَغِلُ بِذَلِكَ عَنْ سَمَاعِ خُطْبَتِهِ، وَلِذَلِكَ سَأَلَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- هَلْ صَلَّى؟ فَأَجَابَه، وَسَأَلَ عُمَرُ عُثْمَانَ حِينَ دَخَلَ وَهُوَ يَخْطُبُ، فَأَجَابَهُ، فَتَعَيَّنَ حَمْلُ أَخْبَارِهِمْ عَلَى هَذَا، جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ، وَتَوْفِيقًا بَيْنَهَا، وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ غَيْرِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْإِمَامِ لَا يَكُونُ فِي حَالِ خُطْبَتِهِ بِخِلَافِ غَيْرِه.

• اختلف العلماء في حكم كلام الحاضر للخطبة إذا كان لا يسمعها لبعد أو غيره على قولين:

[القول الأول: يحرم عليه الكلام.]

وهو مذهب المالكية، ومذهب الحنابلة، وبه قال ابن حزم.

واستدلوا بعموم ما تقدم من الأدلة السابقة التي تدل على تحريم الكلام أثناء الخطبة، فقالوا هي عامة تشمل من يسمع الخطبة ومن لا يسمعها.

[القول الثاني: يجوز له الكلام.]

وبه قال الحنفية، وهو مذهب الشافعية.

واستدلوا بما استدلوا به في الأمر السابق على جواز الكلام في الخطبة للسامع، فقالوا: إذا كان يجوز مع السماع فمع عدمه من باب أولى.

والراجح الأول، لقوة ما استدلوا به، وخاصة عموم الأدلة، ولأنه يؤدي إلى التشويش، وقد يجر إلى كلام مكروه أو يحرم في المسجد.

• القول الصحيح: أن رد السلام وتشميت العاطس أثناء الخطبة حرام.

لحديث أبي هريرة السابق (إذا قلت لصاحبك أنصت فقد لغوت).

معنى هذا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سمى الأمر بالمعروف أثناء الخطبة لغواً مع أنه أمر مطلوب شرعاً، وفيه فائدة متعدية للآخرين وهي منع التشويش عليهم، فكذلك ردّ السلام وتشميت العاطس، بل هو أولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>