أي: ويجزئ في غسل سائر النجاسات - غير الكلب والخنزير - ثلاث غسلات منقية.
وقيل: سبع.
وهذا المشهور من المذهب.
لما روى ابن عمر قال:(أمرنا بغسل الأنجاس سبعاً) وهذا الأثر لا يصح ولا يحتج به، وقد ذكره ابن قدامة في المغني بدون إسناد.
وقيل: واحدة تكفي.
وهذا القول هو الصحيح.
أي: أنه يكفي إذا وقعت نجاسة على البدن أو الثوب أو البقعة أو غيرها أن تغسل حتى تزول عينها عن المحل، ولا يشترط عدد معين للغسلات.
وهذا اختيار ابن تيمية رحمه الله: أنه لا يجب العدد في غسل نجاسة غير الكلب، بل يكفي غسلة واحدة تذهب بعين النجاسة وأثرها، فإن لم تذهب زاد حتى يذهب أثرها ولو جاوز السبع سواء في الأرض أو الثوب أو الأواني.
أ- لحديث أَسْمَاءَ قَالَتْ (جَاءَتِ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ أَرَأَيْتَ إِحْدَانَا تَحِيضُ فِي الثَّوْبِ كَيْفَ تَصْنَعُ قَالَ تَحُتُّهُ، ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ، وَتَنْضَحُهُ وَتُصَلِّى فِيهِ) ولم يأمر فيه بعدد، ولو أراد لبيّنه كما في حديث الولوغ.
(تَحُتُّهُ) أي تحكه وتقْشُرُه، وقد أخرجه ابن خزيمة بلفظ (فحكيه) والمراد بذلك إزالة عينه ليهون غسله بالماء. (ثُمَّ تَقْرُصُهُ) أي تدلك موضع الدم بأطراف أصابعها ليتحلل بذلك ويخرج ما يشربه الثوب منه. (ثُمَّ تَنْضَحُهُ) قيل: المراد به الرش، ورجحه القرطبي. وقيل: المراد الغسل، ورجحه الخطابي وابن حجر، لأنه جاء في روايات أخرى أنه قال:(تغسله).
ب- ولحديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ:(جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي طَائِفَةِ اَلْمَسْجِدِ، فَزَجَرَهُ اَلنَّاسُ، فَنَهَاهُمْ اَلنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فَلَمَّا قَضَى بَوْلَهُ أَمَرَ اَلنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ; فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ.) مُتَّفَقٌ عَلَيْه، ولم يأمر بالعدد.
ج- ولأن المقصود إزالة النجاسة، فمتى زالت زال حكمها.
د- ولأن غسل النجاسة لا يحتاج إلى نية، فلا يحتاج إلى عدد.
هـ- ولأنه لو لم تزل بسبع غسلات وجب الزيادة على ذلك بالاتفاق، فدل على عدم اعتبار السبع، إلا فيما جعله الشارع شرطاً فيه كنجاسة الكلب.