قال الشيخ السعدي مرجحاً هذا القول: الصحيح في غسل النجاسات كلِّها غير الكلب: أنه يكفي فيها غسلة واحدة تذهب بعين النجاسة وأثرها، فإن لم تذهب زاد حتى يذهب أثرها، ولو جاوز السبع، وسواء كانت على الأرض أو الثياب أو البدن أو الأواني أو غير
ذلك … إلى أن قال: لأن جميع النصوص الواردة في غسل النجاسات مطلقة لا قيد فيها ولا عدد، وذلك يدل على أن المقصود إزالتها فقط، وأن العدد فيها غير مقصود.
فائدة: حديث الأعرابي -صلى الله عليه وسلم- السابق (جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي طَائِفَةِ اَلْمَسْجِدِ، فَزَجَرَهُ اَلنَّاسُ، فَنَهَاهُمْ اَلنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فَلَمَّا قَضَى بَوْلَهُ أَمَرَ اَلنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ; فَأُهْرِيقَ عَلَيْه).
فيه دليل على أنه إذا وقعت نجاسة على الأرض فتطهر بصب الماء على المكان النجس بدون تكرار، سواء كانت الأرض صلبة أم رخوة.
وهذا مذهب جماهير العلماء كما حكاه النووي عنهم.
لقوله (فَأُهْرِيقَ عَلَيْه … ) ولم يحفر المكان أو ينقل ترابه بل اكتفى بصب الماء.
فإن كان للنجاسة جرم كعذرة أو دم جفّ، فلا بد من إزالة ذلك قبل تطهيرها بالماء.
وذهب بعض العلماء: إلى أن الأرض الصلبة تحفر.
واستدلوا بروايات جاءت في هذا الحديث لكنها ضعيفة لا تصح.
فقد جاء عند الدار قطني من حديث أنس بلفظ (احفروا مكانه ثم صبوا عليه).
وعند سعيد بن منصور (خذوا ما بال عليه من التراب فألقوه وأهريقوا على مكانه ماءً).
(ولا يطهرُ مُتَنَجِّسٌ بشمسٍ ودلك).
المتنجِّس: ما أصابته النجاسة.
أي: لا يطهر أي متنجس - من أرض أو ثوب أو فراش أو غير ذلك - بشمس، أي بذهاب نجاسته بشمس.