قال الشيخ محمد بن عثيمين: وأما ما روي عن سمرة بن جندب أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:(من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل) فهذا الحديث لا يقاوم ما أخرجه الأئمة السبعة وغيرهم، وهو حديث أبي سعيد الذي ذكرناه آنفاً:(غسل الجمعة واجب على كل محتلم) ثم إن الحديث من حيث السند ضعيف، لأن كثيراً من علماء الحديث يقولون: إنه لم يصح سماع الحسن عن سمرة إلا في حديث العقيقة، وإن كنا رجحنا في المصطلح: أنه متى ثبت سماع الراوي من شيخه، وكان ثقة ليس معروفاً بالتدليس، فإنه يحمل على السماع، على أن الحسن رحمه الله رماه بعض العلماء بالتدليس، ثم إن هذا الحديث من حيث المتن إذا تأملته وجدته ركيكاً ليس كالأسلوب الذي يخرج من مشكاة النبوة:(من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت)(بها) أين مرجع الضمير؟ ففيه شيء من الركاكة أي: الضعف في البلاغة (ومن اغتسل فالغسل أفضل) فيظهر عليه أنه من كلام غير النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وأما حديث أبي هريرة (من توضأ يوم الجمعة … ) فقد ورد بلفظ آخر في الصحيح بلفظ (من اغتسل … ).
وأما حديث الرجل الذي دخل وعمر يخطب فأنكر عليه.
فهذا نوقش بأنه يدل على الوجوب، لأنه قطع الخطبة منكراً على عثمان ترك الغسل.
قال الشوكاني: فما أراه إلا حجة على القائل بالاستحباب لا له، لأن إنكار عمر على رأس المنبر في ذلك الجمع على مثل ذلك الصحابي الجليل وتقرير جميع الحاضرين الذين هم جمهور الصحابة لما وقع من ذلك الإنكار، من أعظم الأدلة القاضية بأن الوجوب كان
معلوماً عند الصحابة.
وأيضاً: إنما لم يرجع عثمان للغسل لضيق الوقت، إذ لو فعل لفاتته الجمعة.