للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فإن كانت تحيض وارتفع حيضها لرضاع أو نحوه انتظرت حتى يعود الحيض فتعتد به).

أي: فإن كانت مما تحيض لكن ارتفع حيضها بسبب معلوم كرضاع أو مرض أو غيرهما، كدواء يمنع نزول الحيض وقد تناولته، فإنها تبقى في عدتها حتى يعود الحيض فتعتد به وإن طال الزمن.

لأنها مطلقة لم تيأس من الحيض، فلا تزال في عدة حتى يعود الحيض، أو تبلغ سن الإياس فتعتد عدته.

وذهب بعض العلماء: إلى أنها تنتظر زوال ما رفع الحيض، كانتهاء الرضاع، أو الشفاء من المرض، فإن عاد الحيض عند زوال ما رفعه اعتدت به، وإلا اعتدت سنة، كالتي ارتفع حيضها ولم تدر سببه.

واختار ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، وقال صاحب الإنصاف: وهو الصواب، وهذا هو اللائق بيسر الإسلام وسهولته، لأن القول الأول فيه مشقة عظيمة وحرج لا تأتي الشريعة بمثله.

(وان ارتفع ولا تدري ما رفعه، انتظرت تسعة أشهر احتياطاً للحمل، ثم اعتدت بثلاثة أشهر عدة آيسة).

أي: من ارتفع حيضها ولا تدري سبب رفعه، فتعتد سنة:

تسعة أشهر للحمل، لأنها غالب مدة الحمل.

وثلاثة أشهر، عدة الآيسة.

لأنه يحتمل أن تكون حاملاً، فتعتد تسعة أشهر لأن هذا غالب الحمل، فإن مكثت تسعة أشهر وتبين أنها غير حامل، فإنها تعتد ثلاثة أشهر وهي عدة الآيسة.

وهذا القول هو الصحيح في هذه المسألة وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

قال ابن قدامة: وَجُمْلَةُ ذَلِكَ، أَنَّ الرَّجُلَ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، وَهِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ، فَلَمْ تَرَ الْحَيْضَ فِي عَادَتِهَا، وَلَمْ تَدْرِ مَا رَفَعَهُ، فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ سَنَةً؛ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ مِنْهَا تَتَرَبَّصُ فِيهَا لِتَعْلَمَ بَرَاءَةَ رَحِمِهَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُدَّةَ هِيَ غَالِبُ مُدَّةُ الْحَمْلِ، فَإِذَا لَمْ يَبْنِ الْحَمْلُ فِيهَا، عُلِمَ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ ظَاهِرًا، فَتَعْتَدَّ بَعْدَ ذَلِكَ عِدَّةَ الْآيِسَاتِ، ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>