للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- فإن قيل: هل يدخل في سبيل الله إذا قصد المغنم ضمناً لا أصلاً مقصوداً؟

نعم.

وبذلك صرح الطبري فقال: إذا كان أصل الباعث هو الأول لا يضره ما عرض له بعد ذلك، وبذلك قال الجمهور.

لكن روى أبو داود والنسائي من حديث أمامة بإسناد جيد، قال: جاء رجل فقال يا رسول الله! أرأيت رجلاً غزا يلتمس الأجر والذكر ماله؟ قال: لا شيء له، فأعاده ثلاثاً كل ذلك يقول: لا شيء له، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً، وابتغي به وجهه).

ويمكن أن يحمل هذا على من قصد الأمرين معاً على حد واحد، فلا يخالف المرجّح أولاً.

قال ابن أبي جمرة: ذهب المحققون إلى أنه إذا كان الباعث الأول قصد إعلاء كلمة الله لم يضره ما انضاف إليه.

ويدل على أن دخول غير الإعلاء ضمناً لا يقدح في الإعلاء إذا كان الإعلاء هو الباعث الأصلي، ما رواه أبو داود بإسناد حسن عن عبد الله بن حوالة قال (بعثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أقدامنا لنغنم فرجعنا، ولم نغنم شيئاً، فقال: اللهم لا تكلهم إليّ … ). (فتح الباري)

قال ابن رجب: فإنْ خالطَ نيَّةَ الجهادِ مثلاً نيّة غير الرِّياءِ، مثلُ أخذِ أجرة للخِدمَةِ، أو أخذ شيءٍ مِنَ الغنيمةِ، أو التِّجارة، نقصَ بذلك أجرُ جهادهم، ولم يَبطُل بالكُلِّيَّة، وفي (صحيح مسلم) عن عبدِ اللهِ بن عمرٍو، عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال (إنَّ الغُزَاةَ إذا غَنِموا غنيمةً، تعجَّلوا ثُلُثي أجرِهِم، فإنْ لم يغنَمُوا شيئاً، تمَّ لهُم أجرُهم).

وقد ذكرنا فيما مضى أحاديثَ تدلُّ على أنَّ مَنْ أراد بجهاده عَرَضاً مِنَ الدُّنيا أنَّه لا أجرَ له، وهي محمولةٌ على أنَّه لم يكن له غرَضٌ في الجهاد إلاَّ الدُّنيا. (جامع العلوم).

<<  <  ج: ص:  >  >>