للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَوْ يُوكِّل مُسْلِماً وَيَشْهَدَهَا).

أي: أو يوكل صاحبها مسلماً ليذبحها، ويحضر هو ذبحها.

وقوله (أَوْ يُوكِّل مُسْلِماً … ) علم منه أنه يكره أن يُوّكل كتابياً - مع أنه تحل ذبيحته - ليذبحها، لأن ذبح الأضحية عبادة، والكتابي ليس من أهل العبادة.

قال ابن قدامة: وَلَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَذْبَحَهَا إلَّا مُسْلِمٌ، وَإِنْ ذَبَحَهَا بِيَدِهِ كَانَ أَفْضَلَ وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَذْبَحَ الْأُضْحِيَّةَ إلَّا مُسْلِمٌ؛ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ، فَلَا يَلِيهَا غَيْرُ أَهْلِ الْقُرْبَةِ، وَإِنْ اسْتَنَابَ ذِمِّيًّا فِي ذَبْحِهَا، جَازَ مَعَ الْكَرَاهَةِ.

وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ.

لأنَّ مَنْ جَازَ لَهُ ذَبْحُ غَيْرِ الْأُضْحِيَّةِ، جَازَ لَهُ ذَبْحُ الْأُضْحِيَّةِ، كَالْمُسْلِمِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَتَوَلَّى الْكَافِرُ مَا كَانَ قُرْبَةً لِلْمُسْلِمِ، كَبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَالْقَنَاطِرِ، وَلَا نُسَلِّمُ تَحْرِيمَ الشُّحُومِ عَلَيْنَا بِذَبْحِهِمْ، وَالْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَذْبَحَهَا الْمُسْلِمُ لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلَافِ. … (المغني).

وقال النووي: وَإِنْ اِسْتَنَابَ فِيهَا مُسْلِمًا جَازَ بِلَا خِلَاف، وَإِنْ اِسْتَنَابَ كِتَابِيًّا كُرِهَ كَرَاهِيَة تَنْزِيه وَأَجْزَأَهُ وَوَقَعَتْ التَّضْحِيَة عَنْ الْمُوَكِّل، هَذَا مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْعُلَمَاء كَافَّة إِلَّا مَالِكًا فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنه.

وجاء في (الموسوعة الفقهية) ذهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى صِحَّةِ التَّضْحِيَةِ مَعَ الْكَرَاهَةِ إِذَا كَانَ النَّائِبُ كِتَابِيًّا؛ لأِنَّهُ مِنْ أَهْل الذَّكَاةِ، وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ -وَهُوَ قَوْلٌ مَحْكِيٌّ عَنْ أَحْمَدَ- إِلَى عَدَمِ صِحَّةِ إِنَابَتِهِ، فَإِنْ ذَبَحَ لَمْ تَقَعِ التَّضْحِيَةُ وَإِنْ حَل أَكْلُهَا.

وجاء في المجموع: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ النَّائِبُ ذَكَرًا مُسْلِمًا، فَإِنْ اسْتَنَابَ امْرَأَةً أَوْ كِتَابِيًّا جَازَ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>