للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلبَنُ الفحلِ مُحَرّم).

الفحل: الرجل، ونسبة اللبن إليه مجازيه لكونه السبب فيه.

وقد ذهب جمهور العلماء إلى أن لبن الفحل يحرّم.

عن عائشة (أَنْ أَفْلَحَ -أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ- جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا بَعْدَ اَلْحِجَابِ. قَالَتْ: فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ، فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَخْبَرْتُهُ بِاَلَّذِي صَنَعْتُ، فَأَمَرَنِي أَنْ آذَنَ لَهُ عَلَيَّ. وَقَالَ: إِنَّهُ عَمُّكِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(أَنْ أَفْلَحَ -أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ) أفلح: هو عم عائشة من الرضاعة، لأنه أخو أبي القعيس نسباً الذي رضعت عائشة من زوجته. (بَعْدَ اَلْحِجَابِ) أي: بعد نزول آيات الحجاب، وذلك آخر سنة خمس من الهجرة.

فهذا الحديث على ثبوت الأبوة من الرضاعة وأن زوج المرضعة يعتبر أباً للرضيع من الرضاعة. ووجهه: أن زوجة أبي القعيس أرضعت عائشة، فصارت أماً لها وصار زوجها أباً لها من الرضاعة وإخوانه أعمام عائشة من الرضاعة ولهذا قال أخو أبي القعيس لعائشة: " أتحتجبين عني وأنا عمك " رواه البخاري، فأقره النبي -صلى الله عليه وسلم- على أنه عمٌ لعائشة بقوله: "ائذني له فإنه عمك تربت يمينك".

قال ابن قدامة: (ولبن الفحل محرم) مَعْنَاهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَرْضَعَتْ طِفْلًا بِلَبَنٍ ثَابَ مِنْ وَطْءِ رَجُلٍ حَرُمَ الطِّفْلُ عَلَى الرَّجُلِ وَأَقَارِبِهِ، كَمَا يَحْرُمُ وَلَدُهُ مِنْ النَّسَبِ؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ مِنْ الرَّجُلِ كَمَا هُوَ مِنْ الْمَرْأَةِ، فَيَصِيرُ الطِّفْلُ وَلَدًا لِلرَّجُلِ، وَالرَّجُلُ أَبَاهُ، وَأَوْلَادُ الرَّجُلِ إخْوَتَهُ، سَوَاءٌ كَانُوا مِنْ تِلْكَ الْمَرْأَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا، وَإِخْوَةُ الرَّجُلِ وَأَخَوَاتُهُ أَعْمَامُ الطِّفْلِ وَعَمَّاتُهُ، وَآبَاؤُهُ وَأُمَّهَاتُهُ أَجْدَادُهُ وَجَدَّاتُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>