فَصْلٌ
هذا الفصل في ذكر من تقبل شهادتهم.
(وشُرُوطُ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ سِتَّةٌ: البُلُوغُ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ).
أولاً: البلوغ فلا تقبل شهادة الصبيان.
قال ابن رشد: اتفقوا على أن البلوغ يشترط حيث تشترط العدالة.
لقوله تعالى (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ) والصبي لا يسمى رجلاً.
ولأن الصبي لا يقبل قوله على نفسه، فلأن لا يقبل قوله على غيره بطريق الأولى.
والمراد هنا أنه لا يقبل أداؤه للشهادة، أما لو تحملها وهو صغير وعَقَل ما تحمله، وشهد به بعد بلوغه صحت شهادته.
[فائدة]
واختلف في شهادتهم في الأمور التي لا يطلع عليها إلا الصبيان غالباً، كالذي يقع بينهم من القتل أو الجراحات.
القول الأول: أن شهادتهم لا تقبل مطلقاً.
وهذا هو المذهب، وهو قول أبي حنيفة والشافعي.
القول الثاني: أن شهادتهم تقبل فيما لا يطلع عليه إلا الصبيان كالجراح إذا شهدوا قبل الافتراق عن الحال التي تجارحوا عليها.
وهذا قول في مذهب مالك واختاره الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.
حفظاً للدماء التي تقع بينهم، فإنهم في غالب أحوالهم يخلُونَ بأنفسهم، وقد يسطوا بعضهم على بعض، فلو لم يقبل قول بعضهم على بعض لأهدرت دماؤهم.
قال الشيخ ابن عثيمين: وقال بعض العلماء: بل شهادة الصبيان فيما لا يطلع عليه إلا الصبيان غالباً مقبولة، إذا لم يتفرقوا، وما قاله هؤلاء أصح.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute