وَبِهَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ.
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ النَّخَعِيُّ، وَحَمَّادٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ.
لإجْمَاعُ الصَّحَابَةِ، رَوَى الْخَلَّالُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إذَا أَكَلَ الْكَلْبُ، فَلَا تَأْكُلْ مِنْ الصَّيْدِ، وَإِذَا أَكَلَ الصَّقْرُ، فَكُلْ؛ لِأَنَّك تَسْتَطِيعُ أَنْ تَضْرِبَ الْكَلْبَ، وَلَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَضْرِبَ الصَّقْرَ.
وَلِأَنَّ جَوَارِحَ الطَّيْرِ تُعَلَّمُ بِالْأَكْلِ، وَيَتَعَذَّرُ تَعْلِيمُهَا بِتَرْكِ الْأَكْلِ، فَلَمْ يَقْدَحْ فِي تَعْلِيمِهَا، بِخِلَافِ الْكَلْبِ وَالْفَهْدِ. (المغني).
(الثَّالِثُ: إِرْسَالُ الآلَةِ قَاصِداً).
هذا الشرط الثالث: إرسال الآلة بنوعيها قاصداً الصيد.
لأن الكلب أو البازي آلة، والذبح لا يحصل بمجرد الآلة بل لا بد من الاستعمال، وذلك فيهما: بالإرسال مع القصد.
قال ابن قدامة الشَّرْطُ الثَّالِثُ، أَنْ يُرْسِلَ الْجَارِحَةَ عَلَى الصَّيْدِ، فَإِنْ اسْتَرْسَلَتْ بِنَفْسِهَا فَقَتَلَتْ، لَمْ يُبَحْ.
وَبِهَذَا قَالَ رَبِيعَةُ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.
وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- (إذَا أَرْسَلْت كَلْبَك، وَسَمَّيْت، فَكُلْ).
وَلِأَنَّ إرْسَالَ الْجَارِحَةِ جُعِلَ بِمَنْزِلَةِ الذَّبْحِ، وَلِهَذَا اُعْتُبِرْت التَّسْمِيَةُ مَعَهُ.
(فَإِنِ اسْتَرْسَلَ الْكَلْبُ أَوْ غَيْرُهُ بِنَفْسِهِ لَمْ يُبَحْ).
أي: إذا استرسل الكلب بنفسه فقتل صيداً، لم يحل.
لفقدان الشرط، وهو الإرسال، لأن الإرسال يقوم مقام التذكية.