قالوا: إذا اجتمع مبيح وحاظر، على وجه لا يتميز أحدهما عن الآخر، وجب اجتنابهما جميعًا؛ لأن اجتناب النجس واجب، ولا يمكن اجتنابه إلا بتركهما جميعًا.
ويشهد لهذا حديث عدي بن حاتم، قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (وإن وجدت مع كلبك كلبًا غيره، وقد قتل، فلا تأكل؛ فإنك لا تدري أيهما قتله … ) متفق عليه.
القول الثاني: القول بالتحري، وهو أنه لا تجوز الطهارة بواحد منهما إلا إذا اجتهد وغلب على ظنه طهارته بعلامة تظهر.
وهذا قول الشافعي.
أ-لحديث عبدالله. قال: قال -صلى الله عليه وسلم- (وإذا شك أحدكم في صلاته، فليتحر الصواب، فليتم عليه، ثم ليسلم، ثم يسجد سجدتين) متفق عليه.
وجه الدلالة: إذا كان المسلم يتحرى في الصلاة إذا شك فيها، مع أنها المقصود الأعظم من الطهارة، فكونه يتحرى في شرطها من باب أولى.
ب- القياس على مشروعية التحري في إصابة القبلة، فكما أنه يجوز التحري إجماعًا إذا اشتبهت القبلة، فكذلك هنا.
ج-ولأنه تعذر اليقين هنا، وكلما تعذر اليقين رجعنا إلى غلبة الظن.
وهذا الراجح.
(وإِن اشْتَبَهَتْ ثيابٌ طاهرةٌ بنجسةٍ صلَّى في كلِّ ثوبٍ صلاةً بعددِ النَّجس وزَاد صلاةً).
لأنه يكون قد صلى فرضه بيقين.
مثال: فإذا كان عنده خمسة أثواب نجسة وثوب طاهر، واشتبهت، صلى في ستة أثواب ست صلوات، في كل ثوب يصلي صلاة، ليصلي في ثوب طاهر يقيناً.
وهذا المذهب.
وذهب بعض العلماء: إلى أنه يتحرى.
وهذا مذهب الشافعي.
واختاره ابن تيمية، وابن القيم.
قال ابن القيم: والقول بالتحري هو الراجح الظاهر، سواء كثر عدد الثياب الطاهرة أو قل وهو اختيار شيخنا.
قال شيخنا: اجتناب النجاسة من باب المحظور، فإذا تحرى وغلب على ظنه طهارة ثوب منها فصلى فيه لم يحكم ببطلان صلاته بالشك فإن الأصل عدم النجاسة وقد شك فيها في هذا الثوب فيصلي فيه كما لو استعار ثوباً أو اشتراه ولا يعلم حاله.