للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّهُ قَالَ: لَأَنْ أُرَابِطَ لَيْلَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَقُومَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ عِنْدَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ.

وَذَلِكَ لِأَنَّ الرِّبَاطَ هُوَ مِنْ جِنْسِ الْجِهَادِ وَالْمُجَاوَرَةَ مِنْ جِنْسِ النُّسُكِ وَجِنْسُ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُ مَنْ جِنْسِ النُّسُكِ: بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ -صلى الله عليه وسلم- وَإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ.

[فائدة: ١]

قال ابن قدامة: وَأَفْضَلُ الرِّبَاطِ الْمُقَامُ بِأَشَدِّ الثُّغُورِ خَوْفًا.

لِأَنَّهُمْ أَحْوَجُ، وَمُقَامُهُ بِهِ أَنْفَعُ.

قَالَ أَحْمَدُ: أَفْضَلُ الرِّبَاطِ أَشَدُّهُمْ كَلَبًا.

فائدة: ٢

هل يأخذ المرابط أهله معه أم لا؟ المسألة فيها تفصيل:

أ-إن كان الثغر مَخُوفاً (يغلب على ظنه هجوم الأعداء عليه) فلا يجوز له ذلك.

حتى لا يعرضهم للخطر.

ب- وإن كان الثغر يغلب عليه الأمان: فإنه يجوز له أخذ أهله معه.

قال ابن قدامة: وَمَذْهَبُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ كَرَاهَةُ نَقْلِ النِّسَاءِ وَالذُّرِّيَّةِ إلَى الثُّغُورِ الْمَخُوفَةِ.

لِأَنَّ الثُّغُورَ الْمَخُوفَةَ لَا يُؤْمَنُ ظَفَرُ الْعَدُوِّ بِهَا، وَبِمَنْ فِيهَا، وَاسْتِيلَاؤُهُمْ عَلَى الذُّرِّيَّةِ وَالنِّسَاءِ.

قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: فَتَخَافُ عَلَى الْمُنْتَقِلِ بِعِيَالِهِ إلَى الثَّغْرِ الْإِثْمَ؟ قَالَ: كَيْفَ لَا أَخَافُ الْإِثْمَ، وَهُوَ يُعَرِّضُ ذُرِّيَّتَهُ لِلْمُشْرِكِينَ؟

قال ابن قدامة: وَهَذَا مِنْ كَلَامِ أَحْمَدَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ غَيْرَ أَهْلِ الثَّغْرِ، لَا يُسْتَحَبُّ لَهُمْ الِانْتِقَالُ بِأَهْلِهِمْ إلَى ثَغْرٍ مَخُوفٍ، فَأَمَّا أَهْلُ الثَّغْرِ، فَلَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ السُّكْنَى بِأَهْلِهِمْ، لَوْلَا ذَلِكَ لَخَرِبَتْ الثُّغُورُ وَتَعَطَّلَتْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>