للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال النووي: وَأَمَّا قَوْله: (فَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ) فَجُلُوسه -صلى الله عليه وسلم- لِاهْتِمَامِهِ بِهَذَا الْأَمْر، وَهُوَ يُفِيد تَأْكِيد تَحْرِيمه، وَعِظَم قُبْحه.

وَأَمَّا قَوْلهمْ (لَيْتَهُ سَكَتَ) فَإِنَّمَا قَالُوهُ وَتَمَنَّوْهُ شَفَقَة عَلَى رَسُول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- وَكَرَاهَة لِمَا يُزْعِجهُ وَيُغْضِبهُ.

وجاء في (سبل السلام) وَإِنَّمَا اهْتَمَّ -صلى الله عليه وسلم- بِإِخْبَارِهِمْ عَنْ شَهَادَةِ الزُّورِ، وَجَلَسَ، وَأَتَى بِحَرْفِ التَّنْبِيهِ، وَكَرَّرَ الْإِخْبَارَ؛ لِكَوْنِ قَوْلِ الزُّورِ، وَشَهَادَةِ الزُّورِ: أَسْهَلَ عَلَى اللِّسَانِ، وَالتَّهَاوُنِ بِهَا أَكْثَرَ؛ وَلِأَنَّ الْحَوَامِلَ عَلَيْهِ (قول الزور) كَثِيرَةٌ مِنْ الْعَدَاوَةِ وَالْحَسَدِ وَغَيْرِهِمَا، فَاحْتِيجَ إلَى الِاهْتِمَامِ بِشَأْنِهِ، بِخِلَافِ الْإِشْرَاكِ، فَإِنَّهُ يَنْبُو عَنْهُ قَلْبُ الْمُسْلِمِ؛ وَلِأَنَّهُ لَا تَتَعَدَّى مَفْسَدَتُهُ إلَى غَيْرِ الْمُشْرِكِ، بِخِلَافِ قَوْلِ الزُّورِ، فَإِنَّهُ يَتَعَدَّى إلَى مَنْ قِيلَ فِيه. (سبل السلام).

- وكثرة شهادة الزور من علامات الساعة:

جاء في حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قوله -صلى الله عليه وسلم- (إن بين يدي الساعة … شهادة الزور وكتمان شهادة الحق) رواه أحمد.

- ومن صفات عباد الرحمن التي ذكرها الله في القرآن في آخر سورة الفرقان أنهم لا يشهدون الزور.

كما في قوله تعالى (وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَاذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا).

وتدبر قوله تعالى في سورة الحج (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) ففي هذه الآية أمر الله تعالى باجتناب الشرك واجتناب قول الزور.

- ومن شناعة شهادة الزور أو قول الزور أنه يخدش صيام الصائم.

لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه). رواه البخاري

<<  <  ج: ص:  >  >>