للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال النووي: وَوَجْه الْجَمْع بَيْنهمَا أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- طَافَ لِلْإِفَاضَةِ قَبْل الزَّوَال، ثُمَّ صَلَّى الظُّهْر بِمَكَّة فِي أَوَّل وَقْتهَا، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مِنًى فَصَلَّى بِهَا الظُّهْر مَرَّة أُخْرَى بِأَصْحَابِهِ حِين سَأَلُوهُ ذَلِكَ، فَيَكُون مُتَنَفِّلًا بِالظُّهْرِ الثَّانِيَة الَّتِي بِمِنًى، وَهَذَا كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي صَلَاته -صلى الله عليه وسلم- بِبَطْنِ نَخْل أَحَد أَنْوَاع صَلَاة الْخَوْف فَإِنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- صَلَّى بِطَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابه الصَّلَاة بِكَمَالِهَا وَسَلَّمَ بِهِمْ، ثُمَّ صَلَّى بِالطَّائِفَةِ الْأُخْرَى تِلْكَ الصَّلَاة مَرَّة أُخْرَى، فَكَانَتْ لَهُ صَلَاتَانِ، وَلَهُمْ صَلَاة.

وقال الشوكاني: ويمكن الجمع بأن يقال إنه صلى بمكة ثم رجع إلى منى فوجد أصحابه يصلون الظهر فدخل معهم متنقلاً لأمره -صلى الله عليه وسلم- بذلك لمن وجد جماعة يصلون وقد صلى.

وقال الشنقيطي: وَوَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ: أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- صَلَّى الظُّهْرَ بِمَكَّةَ، كَمَا قَالَ جَابِرٌ وَعَائِشَةُ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مِنًى، فَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ الظُّهْرَ مَرَّةً أُخْرَى، كَمَا صَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ الْخَوْفِ مَرَّتَيْنِ: مَرَّةً بِطَائِفَةٍ، وَمَرَّةً بِطَائِفَةٍ أُخْرَى فِي بَطْنِ نَخْلٍ، كَمَا أَوْضَحْنَاهُ سَابِقًا فِي سُورَةِ النِّسَاءِ، فَرَأَى جَابِرٌ وَعَائِشَةُ صَلَاتَهُ فِي مَكَّةَ فَأَخْبَرَا بِمَا رَأَيَا وَقَدْ صَدَقَا. وَرَأَى ابْنُ عُمَرَ صَلَاتَهُ بِهِمْ فِي مِنًى فَأَخْبَرَ بِمَا رَأَى، وَقَدْ صَدَقَ وَهَذَا وَاضِحٌ، وَبِهَذَا الْجَمْعِ جَزَمَ النَّوَوِيُّ، وَغَيْرُ وَاحِد.

فصل

(ثمّ يرجعُ إلى منى، ولا يبيت لياليَها إلا بها).

أي: يرجع الحاج بعد الطواف والسعي إلى منى فيمكث فيها بقية يوم العيد وأيام التشريق ولياليها.

والمبيت بمنى أَيَّامِ اَلتَّشْرِيقِ: من واجبات الحج.

وهو قول الجمهور فقد ذهب إليه المالكية، والشافعية، والحنابلة وبه قال الشوكاني.

أ-أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بات بمنى، وقال: (خذوا عني مناسككم).

<<  <  ج: ص:  >  >>